زمنا يسيرا ، على كل تقدير ، ولو كنتم تعملون شيئا من العلم لآثرتم الباقي على الفاني ، ولعملتم بما يرضي ربكم ، ولو صبرتم على طاعة الله وعبادته كما فعل المؤمنون لفزتم كما فازوا.
روى ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي الذي خطب الناس فقال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، قال : يا أهل الجنة ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم ، قال : لنعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم ، رحمتي ورضواني وجنتي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين!!
ثم قال : يا أهل النار ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم ، فيقول : بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم ، ناري وسخطي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين».
ثم شدد الله تعالى في توبيخهم على غفلتهم فقال :
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) أي أفظننتم أنكم مخلوقون عبثا ، أي لعبا وباطلا بلا قصد ولا حكمة لنا ، بل خلقناكم للعبادة والتهذيب والتعليم وإقامة أوامر الله تعالى. وهل ظننتم أنكم لا تعودون إلينا في الدار الآخرة للحساب والجزاء ، كما قال تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) أي هملا [القيامة ٧٥ / ٣٦].
(فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) أي تنزه وتقدس الله صاحب الملك الواسع ، الثابت الذي لا يزول ، أن يخلق شيئا عبثا ، فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك ، وهو ذو العرش العظيم الحسن البهي الذي يدبر فيه نظام الكون بحكمة ومقصد سام.