(وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ، فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي وقرب يوم القيامة إذا حصلت هذه الأهوال والزلازل والبلايا ، وإذا حدث ذلك أو وقع ترى أبصار الكافرين مرتفعة الأجفان ، مثبتة الحدق ، جامدة لا تتحرك ، لا تكاد تنظر من هول وشدة ما يشاهدونه من الأمور العظام.
(يا وَيْلَنا ، قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا ، بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ) أي يقولون : يا هلاكنا ، والويل : الهلاك ، قد كنا في الدنيا غافلين لاهين ، لم نعلم أن هذا هو الحق ، وأن البعث والرجوع إلى الله للحساب والجزاء ثابت قائم ، بل إننا في الواقع ظالمون لأنفسنا بتعريضها للعذاب ، وهذا اعتراف صريح بظلمهم لأنفسهم ، حيث لا ينفعهم ذلك.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على وحدة الرسالات السماوية في أصولها ، وعلى تفرق الناس في أمر الدين ، وعلى وحدة السنن الإلهية في إثابة المؤمن الصالح العمل ، وتعذيب الكافر المسيء ، وعلى إثبات البعث والجزاء وما يشتمل عليه من شدائد وأهوال.
أما وحدة الرسالات السماوية : فالأنبياء كلهم متفقون على التوحيد ، لذا وجب اتفاق البشر قاطبة على أن الإله واحد لا شريك له ، وعلى وجوب إفراده بالعبادة. أما المشركون فقد خالفوا كل الأنبياء.
وأما الاختلاف في الدين بين مصدق ومكذب : فهو ظاهرة شائعة ، لذا نعى الله تعالى التفرق في أمر الدين ، سواء المسلمين أو اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين ، وذمهم لمخالفتهم الحق ، وندد بغير المسلمين اتخاذهم آلهة من دون الله ، فيكون المراد بقوله : (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) جميع الخلق ، بأن جعلوا أمرهم في أديانهم قطعا ، وتقسموه بينهم ، فمن موحّد ، ومن يهودي ، ومن نصراني ، ومن عابد ملك أو صنم. والكل من هؤلاء الفرق المختلفة راجع إلى حكم الله فيجازيهم.