المناسبة :
لما لمز المنافقون الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصدقات ، بيّن لهم أن مصرف الصدقات هؤلاء الأصناف الثمانية ، فلا يبقى لأحد حق الاعتراض أو النقد والطعن في الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بسبب أخذ الصدقات. فهم مخطئون في اعتراضهم ، والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم محق فيما صنع ، والآية قاضية على أطماعهم.
وورود الآية ضروري أيضا لبيان طريق الحق والعدل في صرف الزكاة ، فلا يجور الأغنياء ، وليس لهم أن يتحايلوا في صرفها إلى غير هؤلاء المستحقين ، كما أن الآية تنبيه وتذكير دائم بهؤلاء المحتاجين ، وحمل للأغنياء على إعطاء حقوق الله في أموالهم دون أن يكون لهم منّة ، وحدّ من أطماعهم وحبهم للمال.
وأما السبب في ذكر هذه الآية بين آيات المنافقين ومكايدهم فللتنبيه على أنهم ليسوا من مستحقي الزكاة ، حسما لأطماعهم ، وإشعارا باستحقاقهم الحرمان ، وأنهم بعداء عنها وعن مصارفها.
التفسير والبيان :
إنما مصارف الزكاة الواجبة لهؤلاء الأصناف الثمانية ، وقد أفادت (إِنَّمَا) حصر الصدقات في هذه الأصناف ، دون غيرهم.
والدليل على أن المراد بالصدقات هنا هو الزكوات الواجبة : أن (أل) في الصدقات للعهد الذكري ، والمعهود هو الصدقات الواجبة المشار إليها في الآية المتقدمة : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) ؛ ولأن الله أثبت الحق في هذه الصدقات بلام التمليك للأصناف الثمانية ، والمملوك لهم إنما هو الزكاة الواجبة ؛ ولأنه ذكر في الآية سهما للعاملين ، والعمال يوظفون لجباية الصدقات الواجبة لا المندوبة ، ولأن الصدقات المندوبة يجوز صرفها في غير هذه الأصناف. والزكوات الواجبة هي زكاة النقود والأنعام والزروع والتجارة.