يظهر أن النفاق مرض خطير جالب لجميع الآفات في الدين والدنيا ، ومبطل لجميع الخيرات فيهما.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ، وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) [طه ٢٠ / ١٣١] وقوله : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ ، نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ ، بَلْ لا يَشْعُرُونَ) [المؤمنون ٢٣ / ٥٦ ـ ٥٥].
فقه الحياة أو الأحكام :
في الآيتين دلالة على ما يأتي :
١ ـ إن أفعال الكافر الخيرية كصلة القرابة وإغاثة الملهوف قد تفيده في الدنيا بدفع ضرر أو سوء ، ولكن لا يثاب عليها ، ولا ينتفع بها في الآخرة. بدليل ما رواه مسلم عن عائشة رضياللهعنها قالت : «قلت : يا رسول الله ، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم المسكين ، فهل ذلك نافعه؟ قال : لا ينفعه ، إنه لم يقل يوما ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين». وروي عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما رواه أحمد ومسلم : «إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة ، يعطى بها في الدنيا ، ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل لله في الدنيا ، حتى إذا أفضى إلى الآخرة ، لم يكن له حسنة يجزى بها».
والصحيح أن إفادته من حسناته في الدنيا مقيّد بمشيئة الله المذكورة في قوله : (عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) [الإسراء ١٧ / ١٨].
والخلاصة : أن شيئا من أعمال البر لا يكون مقبولا عند الله ، مع الكفر بالله. أما قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) [الزلزلة ٩٩ / ٧] فيراد به بالنسبة للكافر تأثير الخير في تخفيف العقاب أو العذاب عنه.