٢ ـ لم تكن أعمال الخير في الظاهر ، الصادرة من المنافقين عن إيمان وقناعة وطيب نفس ، وإنما كانت في الواقع عن إكراه نفسي ، سترا على نفاقهم ، فهم لم يؤدوا الصلاة إلا وهم كسالى متثاقلون في أدائها ، ولم ينفقوا نفقة في سبيل الله كالزكاة والجهاد ، لغرض الطاعة ، بل رعاية للمصلحة الظاهرة ؛ لأنهم يعدّون النفقة مغرما ، ومنعها مغنما ، وإذا كان الأمر كذلك فهي غير متقبّلة ولا مثاب عليها ، حسبما تقدم.
٣ ـ الأموال والأولاد قد تكون سببا للعذاب في الدنيا ، وقد تكون سببا للعذاب في الآخرة. أما الأموال في الدنيا فهي عذاب على المنافقين في كسبها وفي إنفاقها ، فكسبها يحتاج إلى عناء شديد ، والحفاظ عليها يتطلب الحذر ، ويصحبها القلق والهم ، والتهديد بالضياع والخسارة ، وقد تؤدي إلى قسوة القلب والطغيان ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) [العلق ٩٦ / ٦] وإنفاقها يكون كرها لا طواعية ، فيعذبون بما ينفقون ، وأما الأولاد فقد يموتون في الجهاد ، فيعقب موتهم الحزن والغم والندم ، وقد يؤمنون فيحترق الآباء غيظا عليهم ، مثل حنظلة بن أبي عامر غسلته الملائكة ، وعبد الله بن عبد الله بن أبي شهد بدرا وكان من الله بمكان. وأما في الآخرة فيعذبون إذا اكتسبوا الأموال من حرام ، وإذا آمن الأولاد وتبرموا من نفاق الآباء نجوا من العذاب الدائم.