وقد تعلموا كبس السنة من اليهود والنصارى الذين يعتمدون على السنة الشمسية ، وهي (٤ / ١ ٣٦٥ يوما) وفي كل أربع سنوات يتكون من الكسر عندهم يوم كامل ، فتصبح السنة (٣٦٦ يوما) وفي كل مائة وعشرين سنة تزيد السنة شهرا كاملا ، فتكون ثلاثة عشر شهرا ، وتسمى كبيسة. أما في عصرنا فيقتصر على زيادة يوم في آخر شهر شباط (فبراير) كل أربع سنوات.
وأما النسيء في الشهور : فهو تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر ليس له تلك الحرمة ، بسبب أنه كان يشق عليهم أداء عباداتهم والقيام بتجاراتهم بالسنة القمرية ، حيث كان حجهم يقع مرة في الشتاء ، ومرة في الصيف ، فيتألمون من مشقة الصيف ، ولا ينتفعون بتجاراتهم التي يصطحبونها في موسم الحج ، كما أنه كان يشق ترك القتال وشن الغارات ثلاثة أشهر متوالية ، فتركوا اعتبار السنة القمرية ، واعتمدوا على السنة الشمسية ، ولزيادتها عن السنة القمرية احتاجوا إلى الكبس ، كما بينت ، فنقلوا حرمة شهر المحرم إلى صفر لتبقى الأشهر الحرم أربعة ليوافقوا عدد ما حرمه الله في الاسم دون الحقيقة ، اكتفاء بمجرد العدد ، ونقلوا الحج من شهر إلى آخر ، وإذا كانوا في حرب ودخل شهر رجب مثلا قالوا : نسميه رمضان ، ونطلق اسم رمضان على رجب.
وذلك لأن دورة القمر الشهرية : (٨ ، ٢ ثانية+ ٤٤ دقيقة+ ١٢ ساعة+ ٢٩ يوما) فتكون السنة القمرية أنقص من السنة الشمسية.
وأول من عمل النسيء : نعيم بن ثعلبة الكناني.
وكان يفعل النسيء بعده رجل كبير من كنانة يقال له (القلمّس) يقول في أيام منى حيث يجتمع الحجيج : أنا الذي لا يردّ لي قضاء ، فيقولون : صدقت ، فأخّر عنا حرمة المحرم ، واجعلها في صفر ؛ فيحل لهم المحرم ، ويحرم عليهم صفرا ، ثم يجيء العام المقبل بعده ، فيقول مثل مقالته : إنا قد حرمنا صفر