وهذه الأمور وإن كانت حراما في غير هذه الأشهر ، إلا أنه أكد الله تعالى فيها المنع ، زيادة في شرفها.
ثم أبان الله تعالى حكم قتال المشركين بنحو عام في كل زمان ، فقال : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) أي قاتلوا المشركين جميعا أي مجتمعين متعاونين ، كما يقاتلونكم جميعا مجتمعين متعاونين ، وهذا على أن (كَافَّةً) حال من الفاعل ، ويصح كونها حالا من المفعول ، أي قاتلوا المشركين حال كونهم جميعا ، كما يقاتلونكم جميعا من غير تفرقة بين فئة وأخرى.
وظاهر الآية : إباحة قتالهم في جميع الأشهر ، حتى الأشهر الحرم ، فيكون القتال فيها مباحا ، ويؤيده قول عطاء الخراساني المتقدم : أحلت القتال في الأشهر الحرم : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) أي ما فيها من قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً).
فهذه الآية تأذن للمؤمنين بقتال المشركين في الشهر الحرام ، إذا كانت البداءة منهم ، كما قال تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) [البقرة ٢ / ١٩٤] وقال تعالى : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ ، فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) [البقرة ٢ / ١٩١].
وحاصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل الطائف في شوال ، واستمر الحصار إلى أن دخل الشهر الحرام ، وهو بعض ذي القعدة.
وأما آيات البقرة الدالة على تحريم القتال في الأشهر الحرم [١٩٤ ، ٢١٧] وآية المائدة [٢] فهي منسوخة بآيات التوبة ؛ لنزولها بعد سورة البقرة بسنتين.
وهذا القول بإباحة القتال في الأشهر الحرم هو المعتمد شرعا.