الله ، بل صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب والنكال ، وكذلك لم ينفعكم تكبركم على الفقراء والمستضعفين المؤمنين.
وتبددت أفكاركم التي تزعم أن من أغناه الله في الدنيا ، وجعله قويا هو الذي له نعيم الآخرة ، كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها : إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ، وَقالُوا : نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً ، وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [سبأ ٣٤ / ٣٤ ـ ٣٥].
ثم سألوهم سؤال توبيخ وتأنيب عن حال المستضعفين الذين كانوا يضطهدونهم في الدنيا بسبب إيمانهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم كصهيب الرومي وخبيب بن عدي وبلال الحبشي وآل ياسر، وأشاروا إليهم :
أهؤلاء هم الذين حلفتم في الدنيا ألا ينالهم الله برحمة لفقرهم وضعفهم وقلة أتباعهم ، وهم يرتعون في نعيم الجنة ويتمتعون بخيراتها ، والكفار يتحرقون في سعير جهنم؟!
ثم قال الله تعالى أو قالت الملائكة لأصحاب الأعراف الموقوفين على السور : ادخلوا الجنة ، لا خوف عليكم في المستقبل ، ولا يطرأ عليكم حزن في حاضركم.
وفائدة المحاورة والقول : تبيان أن الجزاء على قدر العمل ، والترغيب في التسابق في أعمال الخير ، وأن المعول عليه ليس هو المال والغنى والقوة ، وإنما المنظور إليه هو العمل الصالح ، وأن الطائعين يتميزون بالنضرة ، وأن العصاة يعرفون بالغبرة والزّرقة وتشوه الخلقة.
فقه الحياة أو الأحكام :
إن معايير التفاضل وموازين التقدم والتفوق في الآخرة تختلف عما هي عليه في الدنيا ، فليس المال والقوة والتجمع أساس العزة والسعادة والنجاة في الآخرة ،