كما قال تعالى في آيات كثيرة منها : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ : اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا : بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا ، أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً ، وَلا يَهْتَدُونَ) [البقرة ٢ / ١٧٠]
فقه الحياة أو الأحكام :
الله تعالى خالق الخلق هو مصدر الشرائع والأنظمة كلها للناس ، وكل شرع لم يشرعه الله فهو مرفوض ، وقد نفى الله تعالى في هذه الآيات تشريع أهل الضلال في الجاهلية ، وأعلن لهم : ما سمّى الله ، ولا سنّ ذلك حكما ، ولا تعبّد به شرعا ، وإن علم به وأوجده بقدرته وإرادته خلقا ، فإن الله خالق كل شيء من خير وشر ، ونفع وضرّ ، وطاعة ومعصية.
ولو عقل الجاهليون لما فعلوا أصل الكفر والوثنية والشرك ، ولما ضللوا أنفسهم بتحريم ما حرموا ، فأي هدف يرتجى ، وأي نفع يؤمّل ، وأي مصلحة تعود عليهم من عبادة حجر لا يضرّ ولا ينفع ، ومن تحريم أشياء لا فائدة ولا جدوى من تعطيل منافعها ، وحجرها للأصنام؟!!
ولو عقلوا أيضا لنظروا وفكروا فيما ورثوه ، فاختاروا الصالح ، وأعرضوا عن الفاسد ، ولكنه التقليد الأعمى للآباء والأسلاف من غير روية ولا إمعان ، ولا دراية ولا تفكير ، فالتقليد أمر ضار ، مناف للعلم والدين ، مناقض للعقل والمصلحة.
وفضلا عن ذلك إنهم يحرمون بأهوائهم ويقلدون آباءهم ، ويزعمون أنهم يفعلون ذلك لإرضاء ربهم وإطاعة خالقهم ، من دون دليل ولا برهان على ما يقولون ، وإنما هو محض الكذب والافتراء على الله ، كما قال تعالى : (وَقالُوا : هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ ، وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها ، وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا ، افْتِراءً عَلَيْهِ ، سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ.