آخر من الدلائل الدالة على كمال القدرة الإلهية ، وكمال الرحمة والفضل والإحسان.
التفسير والبيان :
يمتن الله تعالى على عباده في إنجائه المضطرين منهم من ظلمات البر والبحر ، أي الحائرين التائهين المتعرضين لأهوال المخاطر والمخاوف في البر والبحر.
قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين الذين غفلوا عن آيات التوحيد : من ينجيكم من أهوال الأسفار ومخاوفها إذا ضللتم في أنحاء الأرض البرية والبحرية؟ فحينئذ لا تجدون ملجأ غير الله تدعونه علانية وسرا ، بخشوع وخوف واستغاثة وضراعة وتذلل ، حال كونكم تقسمون : لئن أنجانا الله من هذه الشدائد والظلمات أو الضائقة التي وقعت بنا ، لنكونن من شاكري النعمة ، المقرين بتوحيد الله ، المخلصين له العبادة ، دون إشراك.
ونظير الآية كثير في القرآن مثل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ ، وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ، وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ ، وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ، دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ، لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [يونس ١٠ / ٢٢].
ومثل : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ، ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء ١٧ / ٦٧].
قل : الله هو الذي ينجيكم مرارا من هذه الأهوال ، ومن كلّ كرب وغمّ ، ثم مع ذلك أنتم بعدئذ تشركون بالله غيره ، فتخلفون وعدكم بالإيمان ، وتخونون العهد مع الله ، وتحنثون بالقسم الذي حلفتموه.