روى البخاري من حديث عائشة رضياللهعنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا ، ورأيت عمرا يجرّ قصبه ـ أمعاءه ـ وهو أول من سيّب السوائب»(١).
وروى الطبري عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول لأكثم بن الجون : «يا أكثم ، رأيت عمرو بن لحيّ بن قمعة بن خندف يجرّ قصبه ـ أمعاءه ـ في النار ، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ولا به منك ، فقال أكثم : أخشى أن يضرّني شبهه يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا ، إنك مؤمن ، وهو كافر ، إنه أول من غيّر دين إسماعيل ، وبحر البحيرة ، وسيب السائبة ، وحمى الحامي» (٢).
ثم ناقشهم القرآن بقوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا ..) أي إذا قيل للمشركين : تعالوا إلى العمل بما أنزل الله من الأحكام المؤيدة بالبراهين ، وإلى الرسول المبلّغ لها والمبين لمجملها ، أجابوا : يكفينا ما وجدنا عليه آباءنا ، فهم لنا أئمة قادة مشرّعون ، ونحن لهم تبع.
فردّ الله عليهم مستفهما استفهاما إنكاريا : أيكفيهم ذلك ، ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا أبدا من الشرائع ، ولا يهتدون إلى مصلحة أو خير أصلا في الدين والدنيا ، فهم يتخبطون في ظلمات الوثنية وخرافة المعتقدات ، ويشرعون لأنفسهم بحسب أهوائهم ، من وأد البنات ، وشرب الخمور ، وظلم الأيتام والنساء ، وارتكاب الفواحش والمنكرات ، وشن الحروب لأتفه الأسباب ، وإثارة العداوة والبغضاء.
وهذا تنديد بالتقليد الأعمى والتعصب الموروث من غير وعي ولا إدراك ،
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ١٠٧.
(٢) تفسير الطبري : ٧ / ٥٦ ، ابن كثير ، المكان السابق.