رواحة كان له أيتام وضيف ، فانقلب من شغله بعد ساعة من الليل ، فقال : أعشيتم ضيفي؟ فقالوا : انتظرناك ؛ فقال : لا ، والله لا آكل الليلة ؛ فقال ضيفه : وما أنا بالذي يأكل ؛ وقال أيتامه : ونحن لا نأكل ؛ فلما رأى ذلك أكل وأكلوا. ثم أتى النّبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره فقال له : «أطعت الرّحمن وعصيت الشيطان» ، فنزلت الآية.
والأيمان في الشريعة بحسب المحلوف عليه نفيا وإثباتا على أربعة أقسام : يمينان يكفّران: وهو أن يقول الرّجل : والله لا أفعل فيفعل ، أو يقول : والله لأفعلنّ ثم لا يفعل ، وهذان لا اختلاف فيهما بين العلماء ؛ ويمينان لا يكفّران : وهو أن يقول الرّجل : والله ما فعلت وقد فعل ، أو يقول : والله لقد فعلت وما فعل ، وهذان مختلف فيهما بين أهل العلم:
فقال الجمهور : إن كان الحالف حلف على أنه لم يفعل كذا وكذا ، أو أنه فعل كذا وكذا وعند نفسه يرى أنه صادق على ما حلف عليه ، فلا إثم عليه ولا كفارة عليه. وقال الشافعي : لا إثم عليه وعليه كفّارة.
واتّفق العلماء على أن يمين اللغو لغو فيما إذا قال الرجل : لا والله ، وبلى والله ، في حديثه وكلامه غير المنعقد لليمين ولا مريدها. قال الشافعي : وذلك عند اللجاج والغضب والعجلة.
وأما اليمين المنعقدة : وهي التي تحلف عن عمد وقصد وتصميم ، فتوجب الكفارة بالحنث فيها.
وهل اليمين الغموس يمين منعقدة أو لا؟ يرى الجمهور أنها يمين مكر وخديعة وكذب ، فلا تنعقد ولا كفارة فيها ، وإنما فيها الإثم ؛ لقول النّبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة : «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ، وليكفّر عن يمينه» وهذا يدلّ على أن الكفارة إنما