أما الكافرون الذين كذّبوا بآيات الله الدالة على الوحدانية وصدق الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فمثلهم في جهلهم وقلة علمهم وعدم فهمهم كمثل أصم : وهو الذي لا يسمع ، أبكم : وهو الذي لا يتكلم ، لا يسمعون دعوة الحق والهدى سماع قبول : ولا ينطقون بما عرفوا من الحق ، وهم يتخبطون في ظلمات : ظلمة الشرك والوثنية ، وظلمة عادات الجاهلية ، وظلمة الجهل والأمية ، فكيف يهتدي مثل الأصم والأبكم إلى الطريق ، أو يخرج مما هو فيه؟ كقوله: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ، فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ، ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ، وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ، فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) [البقرة ٢ / ١٧ ـ ١٨] فهم غافلون عن تأمل ذلك والتفكير فيه.
والله هو المتصرف في خلقه بما شاء ، فمن شاء إضلاله أضله ولم يلطف به ؛ لأنه ليس من أهل اللطف ، ومن شاء هدايته لطف به ، وهداه إلى الصراط المستقيم وهو الإسلام ؛ لأنه من أهل اللطف. والقول باللطف مذهب المعتزلة.
فالإضلال والهداية بمشيئة الله حسب علمه أزلا بالمخلوقات ، فمن أضله فلإعراضه عن دعوة الله الحق ، واستكباره عن النظر في الدلائل الموصلة إلى الرشاد ، ومن هداه ، أي وفّقه إلى التفكير الجادّ واستخدام السمع والبصر والفؤاد أي العقل ، فلأنه نظر نظرة مستقلة ، دون تأثر بعوامل التقليد الموروثة.
فقه الحياة أو الأحكام :
الله قادر على كلّ شيء ، رحيم بالمخلوقات ، فكل الدواب والطيور جماعات مثل الجماعات الإنسانية ، في أن الله خلقهم ، وتكفّل بأرزاقهم ، فلا ينبغي أن تظلموهم ، أو تتجاوزوا فيهم ما أمرتم به ، قال الزجاج في قوله : (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) أي في الخلق والرزق والموت والبعث والاقتصاص.
وهذا يرشدنا إلى ضرورة البحث والدرس في طبائع الحيوان ، والاستفادة