وطبائعها ، والله تعالى يدبرها ويرعى شأنها ويحسن إليها.
وخص دواب الأرض بالذكر ؛ لأنها المرئية للكفار ، أما ملكوت السموات ففيه ما لا يعلمه إلا الله وحده ، وفيه من الكائنات الحية ما لا يدرك حقيقته إلا الله ، كما قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ ، وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) [الشورى ٤٢ / ٢٩].
ولم يترك الله شيئا أبدا إلا ذكره في الكتاب : وهو اللوح المحفوظ : (وهو شيء مخلوق في عالم الغيب دوّن فيه كل ما كان وما سيكون من مقادير الخلق إلى يوم القيامة) أي أن علم جميع المخلوقات عند الله ، ولا ينسى واحدا منها من رزقه وتدبيره ، سواء كان في البر أو في البحر أو في الجو ، كقوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [هود ١١ / ٦]. والأظهر عند الرازي وجماعة : أن المراد بالكتاب : القرآن ؛ لأن اللام للعهد السابق ، والمعهود السابق : هو القرآن.
ثم يبعث الله جميع تلك الأمم من الناس والحيوان ويجمعها إليه يوم القيامة ، ويجازي كلا منها ، كما قال : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) [التكوير ٨١ / ٥]. روى الإمام أحمد عن أبي ذر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأى شاتين تنتطحان فقال : «يا أبا ذر هل تدري فيم تنتطحان؟» قال : لا ، قال : «لكن الله يدري وسيقضي بينهما». وذكر عبد الله بن أحمد في مسند أبيه عن عثمان رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الجماء لتقتص من القرناء يوم القيامة». وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة في قوله : (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ، ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) قال : يحشر الخلق كلهم يوم القيامة ، البهائم والطير وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء ، ثم يقول : كوني ترابا ، فلذلك يقول الكافر : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) [النبأ ٧٨ / ٤٠].