وقوله : (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) دليل على أن ما عدا أعمال المتقين لعب ولهو.
فقه الحياة أو الأحكام :
الآيات تقرير واقعي لحال من وقع في قبضة الحاكم الذي يقضي في جريمته ، وإذا كان الغالب على حال المتهمين الإنكار بين يدي قاضي الدنيا ، فإن المتهم إذا لم يجد مفرا من الإقرار بجريمته ، بادر إلى الاعتراف بكل ما عمل.
وهكذا شأن الكفار والمشركين إذا قدّموا للحساب بين يدي الله ، أدركوا ألا فائدة من الإنكار ، وحينئذ إذا سئلوا عن البعث والمعاد ، أقسموا بالله أنه حق ثابت ، فيكون الحكم الصادر في حقهم تنفيذ العقاب المقرر عليهم ، جزاء وفاقا على كفرهم.
والنقاش يحدث من قبل الملائكة ، تقول لهم بأمر الله : أليس هذا البعث وهذا العذاب حقا؟ فيقولون : (بَلى وَرَبِّنا) إنه حق. ولا تناقض بين هذا التساؤل وبين قوله تعالى : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) لأن السؤال يكون بواسطة الملائكة ، والمراد بقوله (وَلا يُكَلِّمُهُمُ) : أنه لا يكلمهم بالكلام الطيب النافع.
ودلت الآيات على توضيح حالة أخرى من أحوال منكري البعث والقيامة وهي أمران: أحدهما ـ حصول الخسران للمكذبين بالبعث والقيامة والجزاء والحساب. والثاني ـ حمل الأوزار العظيمة على ظهورهم.
والمراد من الخسران : فوت الثواب العظيم وحصول العقاب الشديد وفي قولهم : (يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا) إشارة إلى أنهم لم يحصلوا لأنفسهم ما به يستحقون الثواب ، أي أنهم قوم مقصرون. وقوله : (فِيها) أي في الصفقة ، وترك ذكرها لدلالة الكلام عليها ؛ لأن الخسران لا يكون إلا في صفقة بيع ، بدليل قوله تعالى : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) [البقرة ٢ / ١٦].