جاءته الساعة بغتة ، وندامته على ما فرط من العمل للآخرة ، وما أسلف من قبيح القول. وسبب الخسارة : إنكار البعث والجزاء الذي يفسد الفطرة الإنسانية ، ويؤدي إلى الشر والإثم ؛ لأن هذا الإنكار يحصرهمّ الكافرين في الاستمتاع بلذات الدنيا وشهواتها ، والتنافس في متاعها ، والغرور بالمجد والاستعلاء والسلطة على الآخرين.
هؤلاء الخاسرون يأتون للحساب يوم القيامة ، وهم حاملون ذنوبهم وخطاياهم ، يحملون أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم على ظهورهم ، ألا ما أسوأ تلك الأثقال المحمولة ، وبئس شيئا يزرون وزرهم ، كقوله تعالى : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ، وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) [الأعراف ٧ / ١٧٧]. قال ابن عباس : الأوزار : الآثام والخطايا. أما قوله : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) فمعناه :بئس الشيء الذي يزرونه أي يحملونه.
ذكر ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن السدي : أن الأعمال القبيحة أعمال الظالم تتمثل بصورة رجل قبيح الوجه أسود اللون منتن الريح ، يحمله صاحبه يوم القيامة. وعن عمرو بن قيس الملائي : تتمثل الأعمال الصالحة بصورة رجل حسن الصورة طيب الريح ، يحمله صاحبها يوم القيامة (١).
ثم جعل الله تعالى غالب أعمال الحياة الدنيا لعبا لا يفيد ، ولهوا يشغل عن المصلحة الحقيقية ، ومتاعها قليل زائل قصير الأجل ، وأما العمل للآخرة فله منافع عظيمة ، والآخرة خير وأبقى ، خير لمن اتقى الكفر والمعاصي ، ونعيمها نعيم دائم خير من نعيم الدنيا الفاني ، أفلا تعقلون وتفهمون هذه الحقائق وهي أن الحياة الدنيا لعب ولهو ، وزوال ، ومزرعة للآخرة ، فتؤمنوا وتعملوا عملا صالحا.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٧ / ١١٤