التفسير والبيان :
إن الله لا يغفر الشرك بالله أصلا ، ولا لمن يشرك به أحدا سواه ، ولكنه قد يغفر ما دون الشرك من الذنوب ، فلا يعذبهم عليه ، ومن يشرك بالله شيئا ، فقد ضل وبعد عن سبيل الرشاد ضلالا بعيدا في مهاوي الغواية ، وسلك غير الطريق الحق ، وضل عن الهدى ، وبعد عن الصواب ، وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والآخرة وفاتته السعادة فيهما ؛ لأن الشرك ضلال يفسد العقل ، ويكدّر صفاء الروح ، ويكون المشرك عبدا للأوهام والخرافات. فالشرك : هو منتهى فساد الروح وضلال العقول ، ووكر الخرافات والأباطيل ، قال الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) [البقرة ٢ / ١٦٥].
وقد تقدم إيراد هذه الآية ، وأعيدت هنا تأكيدا لاقتلاع آثار الشرك من النفوس المريضة ، ودحض الشرك وهدم طقوسه من مقاصد الإسلام الأساسية ، فهو الواجهة المضادة أصلا لعقيدة الإسلام : عقيدة التوحيد. ولا عيب في هذا التكرار للتأكد من غرس الإيمان بالله ، والتحذير من مغبة الشرك وخطره وخروجه عن أساس الفطرة ومقتضيات العقل السليم.
روى الترمذي عن علي رضياللهعنه أنه قال : ما في القرآن آية أحب إليّ من هذه الآية : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ثم قال الترمذي : هذا حسن غريب.
ومغفرة ما دون الشرك من الذنوب بسبب بقاء نور الإيمان ، وهو مشروط بمشيئة الله ، فهو يغفر لمن يشاء من عباده ، كما يغفر بالتوبة والإنابة إليه ، فذلك سبيل محو الذنوب.
وأما أولئك المشركون فهم لا يعبدون أو لا يتوجهون بقضاء حوائجهم إلا إلى