وهذه الآية تفسير لقوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة ١ / ٦ ـ ٧] وهي المراد في قوله عليهالسلام عند موته : «اللهم الرفيق الأعلى». وفي البخاري عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من نبي يمرض إلا خيّر بين الدنيا والآخرة» كان في شكواه الذي مرض فيه أخذته بحّة (١) شديدة ، فسمعته يقول : «مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين» فعلمت أنه خيّر.
قال القرطبي : في هذه الآية دليل على خلافة أبي بكر رضياللهعنه ، وذلك أن الله تعالى لما ذكر مراتب أوليائه في كتابه بدأ بالأعلى منهم وهم النبيون ، ثم ثنّى بالصديقين ، ولم يجعل بينهما واسطة. وأجمع المسلمون على تسمية أبي بكر الصديق رضياللهعنه صدّيقا ، كما أجمعوا على تسمية محمد عليهالسلام رسولا ، وإذا ثبت هذا وصح أنه الصديق ، وأنه ثاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لم يجز أن يتقدم بعده أحد (٢).
قواعد القتال في الإسلام
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ
__________________
(١) البحّة : هي غلظ الصوت وخشونته من داء أو كثرة صياح.
(٢) تفسير القرطبي : ٥ / ٢٧٣