ودلت الآية على أن الحضانة للأم ، وهو حق لها ، وبه أخذ مالك وأبو حنيفة ، ومدة الحضانة عند مالك في الغلام إلى البلوغ ، وفي الفتاة إلى الزواج. وقال الشافعي وأحمد : إذا بلغ الولد ثمان سنين ، وهو سن التمييز ، خيّر بين أبويه ، فإنه في تلك الحالة تتحرك همته لتعلم العلوم ووظائف العبادات ، وذلك يستوي فيه الغلام والفتاة ، بدليل تخيير النّبي صلىاللهعليهوسلم ولدا حينئذ ، فلحق بأمه ، كما روى النسائي وغيره عن أبي هريرة.
ويظل الحق للأم بالحضانة ما لم تتزوج اتفاقا كما سبق بيانه ، قال ابن المنذر : «وقد أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على ألا حقّ للأم في الولد إذا تزوجت» وينقطع حقها بمجرد عقد الزواج عند الشافعي ، وقال مالك : إذا تزوجت الأم لم ينزع منها ولدها ، حتى يدخل بها زوجها.
ولا فرق في رأي الحنفية بين الذمية والمسلمة في أحقية الأم بالحضانة إذا افترق الزوجان بطلاق. وقال مالك والشافعي : الولد مع المسلم من الزوجين.
وإن تركت المرأة حضانة ولدها ولم ترد أخذه وهي فارغة غير مشغولة بزوج ، ثم أرادت بعد ذلك أخذه نظر لها ، فإن كان تركها له من عذر كان لها أخذه ، وإن كانت تركته رفضا له ومقتا ، لم يكن لها بعدئذ أخذه.
وتحرم المضارّة بين الزوجين وغيرهما ، إذ لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، ولقوله تعالى : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ ..) أي لا تأبى الأم أن ترضعه إضرارا بأبيه أو تطلب أكثر من أجر مثلها ، ولا يحل للأب أن يمنع الأم من ذلك مع رغبتها في الإرضاع ، كما بينا.
ودل قوله تعالى : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) على وجوب نفقة الأقارب ، كما بينا ، كما أنه يدل على وجوب النفقة على الصبي نفسه من ماله إن كان له مال.