بضع أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر؟».
وتجبر الكتابية على الاغتسال من الحيض في رأي مالك ـ وفي رواية ابن القاسم عنه ـ ليحلّ لزوجها وطؤها ، قال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ) أي بالماء ، ولم يخصّ مسلمة من غيرها. وهذا موافق لرأي الشافعية والحنابلة القائلين بأن الكافر مكلف بفروع الشريعة. وقال الحنفية : إنه غير مكلف بها.
وصفة غسل الحائض صفة غسلها من الجنابة ، وليس عليها نقض شعرها في رأي الحنفية والمالكية ، لما رواه مسلم عن أم سلمة قالت : «قلت : يا رسول الله ، إني أشدّ ضفر رأسي ، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال : لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضين عليك الماء ، فتطهرين». ويجب نقض الضفائر في رأي الشافعية والحنابلة إن لم يصل الماء إلى باطنها إلا بالنقض ، لما روى البخاري عن عائشة : أن النّبيصلىاللهعليهوسلم قال لها إذ كانت حائضا : «خذي ماءك وسدرك وامتشطي» ولا يكون المشط إلا في شعر غير مضفور. وخصصه الحنابلة في الحيض أو النفاس ، ولم يوجبوا النقض في حال الجنابة إذا أروت أصوله ، أخذا بحديث أم سلمة.
وقوله تعالى : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) تمثيل ، أي فأتوهن كما تأتون أراضيكم التي تريدون أن تحرثوها من أي جهة شئتم ، لا تحظر عليكم جهة دون جهة ، والمعنى كما بيّنا : جامعوهن من أي شق أردتم ، بعد أن يكون المأتى واحدا وهو موضع الحرث.
قال الزمخشري : قوله تعالى : (هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) ، (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) ، (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) : من الكنايات اللطيفة