تخامر العقل. وإذا كانت اللغة لا تثبت قياسا فإن الصحابة فهموا مدلول «الخمر» وهم أدرى باللغة والقرآن ، وأنها تطلق على كل مسكر من عنب وزبيب وتمر وذرة وشعير وغيره.
وأما السنة : فقد ورد فيها أحاديث كثيرة تحرم قطعا كل مسكر ، منها الحديث المتواتر الذي رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجه عن ستة عشر صحابيا كعمر وابن عمر وغيرهما : «كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام» والحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن حبان عن جابر ، وأحمد والنسائي وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو : «ما أسكر كثيره فقليله حرام».
والحديث الذي رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة : «الخمر من هاتين الشجرتين : النخلة والعنبة» والحديث الذي رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن النعمان بن بشير : «إن من العنب خمرا ، وإن من العسل خمرا ، ومن الزبيب خمرا ، ومن الحنطة خمرا ، ومن التمر خمرا ، وأنا أنهاكم عن كل مسكر».
فصريح هذه الأحاديث الصحيحة يدل على أن الأنبذة تسمى خمرا ، لأنها مسكرة ، فتكون حراما ، ويدل على حرمتها قليلها وكثيرها ما أخرجه البخاري عن عائشة قالت : «سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن البتع (نبيذ العسل) وعن نبيذ العسل ، فقال : كل شراب أسكر فهو حرام».
والراجح قول أهل الحجاز (الفريق الثاني) ، لأن الصحابة لما سمعوا تحريم الخمر ، فهموا منه تحريم الأنبذة ، وهم كانوا أعرف الناس بلغة العرب ومراد الشارع ، وقد ثبت ذلك من حديث أنس قال : «كنت ساقي القوم حيث حرمت الخمر في منزل أبي طلحة ، وما كان خمرنا يومئذ إلا الفضيخ ـ نقيع البسر ـ فحين سمعوا تحريم الخمر ، أحرقوا الأواني وكسروها» وأثبت المؤرخون أنه كان