كان أهل اليمن يحجون ، ولا يتزودون ، ويقولون : نحن متوكلون ، فأنزل الله : (وَتَزَوَّدُوا ، فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى).
المناسبة :
ذكرت أحكام الصيام ، ثم ذكرت أحكام الأشهر الحرم والمسجد الحرام والقتال فيها وفيه ، ثم ذكرت هنا أحكام الحج ، لأن شهوره بعد شهر الصيام ، فأوضح تعالى فيها حكم المحصر الذي منعه العدو من إتمام الحج ، وحكم المتمتع إلى زمن الحج من غير أهل الحرم ، ووقت الحج في أشهر معلومات.
التفسير والبيان والأحكام :
كان الحج معروفا بين عرب الجاهلية ، من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام ، وأقره الإسلام بعد أن أبطل ما فيه من أنواع الشرك والمنكرات ، وزاد فيه بعض المناسك.
وقد فرضه الله تعالى على المسلمين سنة ست من الهجرة بقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران ٣ / ٩٧] وكانت أول حجة حجها المسلمون سنة تسع بإمرة أبي بكر رضياللهعنه ، ثم حج النّبي صلىاللهعليهوسلم سنة عشر ، وفيها أذّن أبو بكر بالمشركين الذين حجوا : ألا يطوف بعد هذا العام مشرك ، ونزلت الآية (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ، فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) [التوبة ٩ / ٢٨].
واستمر المسلمون منذ ذلك التاريخ يهرعون بقلوب ملؤها الشوق والحنين والتعظيم إلى بيت الله الحرام كل عام ، من مختلف الأقطار في المشارق والمغارب ، تظللهم راية الإيمان بالله تعالى ، وترتفع أصواتهم بتلبية أوامر الله ، وتخشع نفوسهم لتلك المواقف المهيبة ، قاصدين تطهير أنفسهم من شوائب العصيان