على التأبيد. أما رأي الجمهور فلا يحقق الانسجام بين بداية الآية ونهايتها ، إذ أنهم قرروا ألا يقتل الحر بالعبد ، وأن الرجل يقتل بالأنثى وبالعكس.
لكن السنة النبوية أوجبت النظر في الآية ، فقال الجمهور : جاءت الآية مبينة حكم النوع إذا قتل نوعه ، فبينت حكم الحر إذا قتل حرا ، والعبد إذا قتل عبدا ، والأنثى إذا قتلت أنثى ، ولم تتعرض لأحد النوعين إذا قتل الآخر ، فالآية محكمة ، وفيها إجمال بينه النبيصلىاللهعليهوسلم بسنته لما قتل اليهودي بالمرأة ، ولم يجز قتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر.
ويعضد ما ذهب إليه الحنفية من شرع قتل المسلم بالذمي : ما رواه الطحاوي عن محمد بن المنكدر : أن النبي صلىاللهعليهوسلم أقاد مسلما بذمي ، وقال : «أنا أحق من وفى بذمته» ، وروي عن عمر وعلي قتل المسلم بالذمي ، وقال علي : «إنا أعطيناهم الذي أعطيناهم (١) ، لتكون دماؤهم كدمائنا ودياتهم كدياتنا».
وتأول الحنفية حديث «لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد بعهده» بأنه لا يقتل المسلم والمعاهد بكافر حربي ، لأن المعاهد يقتل بمن كان معاهدا مثله من الذميين إجماعا ، فيلزم أن يقيد الكافر في المعطوف عليه بالحربي ، كما قيد بالمعطوف ، لأن الصفة بعد متعدد ترجع إلى الجميع اتفاقا ، ويكون التقدير : لا يقتل مسلم بكافر حربي ، ولا ذو عهد بكافر حربي ، لأن الذمي إذا قتل ذميا قتل به ، فعلم أن المراد به : الحربي ، إذ هو الذي لا يقتل به مسلم ولا ذمي.
ورد الجمهور بأن حديث «أنا أحق من وفى بذمته» مرسل عن النّبي صلىاللهعليهوسلم ، ورواه عبد الرحمن بن البيلماني عن ابن عمر ، وهو ضعيف الحديث ، لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث ، فكيف بما يرسله؟! وقال الدار قطني : «لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى ، وهو متروك الحديث».
__________________
(١) أي العهد والأمان.