انصرفت : إني أحببت الخيل فغفلت عن صلاتي لله.
وكلامه هذا خبر مستعمل في التحسر كقول أم مريم (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) [آل عمران : ٣٦].
والخطاب في قوله : (رُدُّوها عَلَيَ) لسواس خيله. والضمير المنصوب عائد إلى الخيل بالقرينة ، أي أرجعوا الخيل إليّ ، وقيل : هو عائد إلى الشمس والخطاب للملائكة ، وهذا في غاية البعد ولو لا كثرة ذكره في كتب المفسرين لكان الأولى بنا عدم التعرض له. وأحسن منه على هذا الاعتبار في معاد ضمير الغيبة أن يكون الأمر مستعملا في التعجيز ، أي هل تستطيعون أن تردوا الشمس بعد غروبها ، كقول مهلهل :
يا لبكر انشروا لي كليبا
وقول الحارث الضبي أحد أصحاب الجمل :
ردوا علينا شيخنا ثم بجل
يريد : عثمان بن عفان رضياللهعنه ، فلا استبعاد في هذا المحمل. والفاء في قوله : (فَطَفِقَ) تعقيبية ، وطفق من أفعال الشروع ، أي فشرع.
و (مَسْحاً) مصدر أقيم مقام الفعل ، أي طفق يمسح مسحا. وحرف التعريف في (بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) عوض عن المضاف إليه ، أي بسوقها وأعناقها كقوله تعالى : (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) [النازعات : ٤١]. والمسح حقيقته : إمرار اليد على الشيء لإزالة ما عليه من غبش أو ماء أو غبار وغير ذلك مما لا يراد بقاؤه على الشيء ويكون باليد وبخرقة أو ثوب ، وقد يطلق المسح مجازا على معان منها : الضرب بالسيف يقال : مسحه بالسيف. ويقال : مسح السيف به. ولعل أصله كناية عن القتل بالسيف لأن السيف يمسح عنه الدم بعد الضرب به.
والسّوق : جمع ساق. وقرأه الجمهور بواو ساكنة وبوزن فعل مثل : دار ودور ، ووزن فعل في جمع مثله قليل. وقرأه قنبل عن ابن كثير وأبو جعفر «السّؤق» بهمزة ساكنة بعد السين جمع : سأق بهمزة بعد السين وهي لغة في ساق.
و (الْأَعْناقِ) : جمع عنق وهو الرقبة. والباء في (بِالسُّوقِ) مزيدة للتأكيد ، أي تأكيد اتصال الفعل بمفعوله كالتي في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) [المائدة : ٦] وفي قول النابغة :