إشارة إلى تأثرها بما يلقى إليها من أمر الله فتتلوه وتتعبّد بالعمل به.
وجملة (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) جواب القسم ومناط التأكيد صفة «واحد» لأن المخاطبين كانوا قد علموا أن لهم إلها ولكنهم جعلوه عدة آلهة فأبطل اعتقادهم بإثبات أنه واحد غير متعدد ، وهذا إنما يقتضي نفي الإلهية عن المتعددين وأما اقتضاؤه تعيين الإلهية لله تعالى فذلك حاصل بأنهم لا ينكرون أن الله تعالى هو الربّ العظيم ولكنهم جعلوا له شركاء فحصل التعدد في مفهوم الإله فإذا بطل التعدد تعيّن انحصار الإلهية في ربّ واحد هو الله تعالى.
(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥))
أتبع تأكيد الإخبار عن وحدانية الله تعالى بالاستدلال على تحقيق ذلك الإخبار لأن القسم لتأكيده لا يقنع المخاطبين لأنهم مكذّبون من بلّغ إليهم القسم ، فالجملة استئناف بياني لبيان الإله الواحد مع إدماج الاستدلال على تعيينه بذكر ما هو من خصائصه المقتضي تفرده بالإلهية.
فقوله : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خبر لمبتدإ محذوف. والتقدير : هو ربّ السماوات ، أي إلهكم الواحد هو الذي تعرفونه بأنه ربّ السماوات والأرض إلى آخره.
فقوله : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خبر لمبتدإ محذوف جرى حذفه على طريقة الاستعمال في حذف المسند إليه من الكلام الوارد بعد تقدم حديث عنه كما نبّه عليه صاحب «المفتاح».
فإن المشركين مع غلوّهم في الشرك لم يتجرّءوا على ادعاء الخالقية لأصنامهم ولا التصرف في العوالم العلوية ، وكيف يبلغون إليها وهم لقى على وجه الأرض فكان تفرد الله بالخالقية أفحم حجة عليهم في بطلان إلهية الأصنام. وشمل (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) جميع العوالم المشهودة للناس بأجرامها وسكّانها والموجودات فيها.
وتخصيص (الْمَشارِقِ) بالذكر من بين ما بين السماوات والأرض لأنها أحوال مشهودة كل يوم.
وجمع (الْمَشارِقِ) باعتبار اختلاف مطلع الشمس في أيام نصف سنة دورتها وهي السنة الشمسية وهي مائة وثمانون شرقا باعتبار أطول نهار في السنة الشمسية وأقصره