بدعوة الرسل من قبله ، وكيف نصر الله رسله ورفع شأنهم وبارك عليهم. وأدمج في خلال ذلك شيء من مناقبهم وفضائلهم وقوتهم في دين الله وما نجاهم الله من الكروب التي حفّت بهم. وخاصة منقبة الذبيح ، والإشارة إلى أنه إسماعيل. ووصف ما حلّ بالأمم الذين كذبوهم. ثم الإنحاء على المشركين فساد معتقداتهم في الله ونسبتهم إليه الشركاء. وقولهم : الملائكة بنات الله ، وتكذيب الملائكة إياهم على رءوس الأشهاد. وقولهم في النبيصلىاللهعليهوسلم والقرآن ، وكيف كانوا يودّون أن يكون لهم كتاب. ثم وعد الله رسوله بالنصر كدأب المرسلين ودأب المؤمنين السابقين ، وأن عذاب الله نازل بالمشركين ، وتخلص العاقبة الحسنى للمؤمنين.
وكانت فاتحتها مناسبة لأغراضها بأن القسم بالملائكة مناسب لإثبات الوحدانية لأن الأصنام لم يدّعوا لها ملائكة ، والذي تخدمه الملائكة هو الإله الحق ولأن الملائكة من جملة المخلوقات الدالّ خلقها على عظم الخالق ، ويؤذن القسم بأنها أشرف المخلوقات العلوية.
ثم إن الصفات التي لوحظت في القسم بها مناسبة للأغراض المذكورة بعدها ، ف (الصَّافَّاتِ) يناسب عظمة ربها ، و (فَالزَّاجِراتِ) يناسب قذف الشياطين عن السماوات ، ويناسب تسيير الكواكب وحفظها من أن يدرك بعضها بعضا ، ويناسب زجرها الناس في المحشر. و (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) يناسب أحوال الرسول والرسل عليهم الصلاة والسلام وما أرسلوا به إلى أقوامهم.
هذا وفي الافتتاح بالقسم تشويق إلى معرفة المقسم عليه ليقبل عليه السامع بشراشره.
فقد استكملت فاتحة السورة أحسن وجوه البيان وأكملها.
[١ ـ ٤] (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤))
القسم لتأكيد الخبر مزيد تأكيد لأنه مقتضى إنكارهم الوحدانية ، وهو قسم واحد والمقسم به نوع واحد مختلف الأصناف ، وهو طوائف من الملائكة كما يقتضيه قوله : (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً).
وعطف «الصّفات» بالفاء يقتضي أن تلك الصفات ثابتة لموصوف واحد باعتبار جهة ترجع إليها وحدته ، وهذا الموصوف هو هذه الطوائف من الملائكة فإن الشأن في عطف