فالمعتبر في القدرة ـ كما قالوا ـ مقارنه الفعل للعلم والمشيئة ، ولا يعتبر حدوث الفعل فيها ولا ينافي دوامه معها. وقدم العالم باطل ، وحدوثه واقع بدليل آخر ؛ لأنَّ القدرة استدعت ذلك ، فإنَّ العقول كلّها صادرة عن الله تعالىٰ بالقدرة والاختيار ، مع أنّها دائمة بدوام الله.
وبالجملة ، فقدرته تعالىٰ في مقام ذاته عين ذاته ، وذاته كلّها قدرة واختيار وإرادة وعلم ومشيئة ، وفي مقام فعله أيضاً عين فعله ؛ إذ كما أنّه فعل الله كذلك هو قدرة الله. وفي العقول : جواهر مفارقة عن المواد ، ذاتاً وفعلاً ؛ لأنّها فيها نفس وجوداتها. وفينا : القدرة كيفية نفسانية. فجرت قدرته تعالىٰ بإخراج الممكنات من الليس إلىٰ الأيس ، واكتساء المواد بألبسه الصور ، ونفخ الأرواح في الأبدان ، وإماتة النفوس ، وإحياء الموتىٰ ، وإيصال النفوس إلىٰ الغايات في الاستكمال ، وأرزاق الخلائق ، وإعطاء المسألات ، وإرسال الرسل ، وإنزال الكتب. وبالجملة :
كمترين كارش بود هر روز آن |
|
كوسه لشكر ميكند آنسو روان |
لشكرى از اصلاب سوى امرت است |
|
بهر آن تا در رحم رديد نبات |
لشكرى از ارحام سوى خاكدان |
|
تا ز نر و ماده پرگردر جهان |
لشکری از خاك آن سوى أجل |
|
تا به بيند هر كسى حسن عمل |
( وَلَا يُمكِنُ الفِرارُ مِنْ حُكُومَتِكَ )
فكيف يمكن الفرار من حكومته تعالىٰ ، وهو ذاته محيطة وفعله محيط بجميع الأشياء ، وقدرته جارية علىٰ الكلّ ولا يمتنع معها شيء ، وحكمه نافذ في أعماق الموجودات وآخذٌ بناصيتها ، وهي وجودات الأشياء ؟ إذ كما عرفت مراراً وجود الكلّ منه تعالىٰ وبه وإليه ، كما قيل :
ظهور تو بمن است |
|
و وجود من از تو |
فلست تظهر لولاي |
|
إن لم أكن لولاك |