والمرتبة القصوىٰ. رزقنا الله الوصول إليها والوقوف عليها ، بمنّه وكرمه » (١). انتهىٰ كلامه.
أقول : في كلام سيد الشهداء عليهالسلام : ( اعرفوا الله بالله ) (٢). معناه : أنّه تارةً يعرف تعالىٰ بأقواله ، وتارةً يعرف بآثاره وأفعاله ، وتارة يعرف بصفاته ، أي بالاتصاف بها ، وتارةً يعرف الله بذاته المحيطة. وتلك المعارف بعضها فوق بعض ، وهذا بعينه مقصوده من تطبيق مراتب المعرفة بمعرفة النار ومراتبها.
فإن قلت : إنّك قد قصرت الإيمان الحقيقي وحقّ الإيمان بالمرتبة الرابعة ، وقلت : إنّها نهاية درجاته وغاية مراتبه ، فما تقول في إيمانه تعالىٰ بنفسه ، وأحد أسمائه هو ( المؤمن ) ؟
قلنا : قد عرفت أنّ الإيمان التحقيقي لا يتيسّر إلّا للمخلصين الذين أفنوا أنفسهم في الله وبقوا به ، فإذا حصل ذلك المقام لأحد ارتفعت الاثنينية من البين ، ويسري حكم المفنى فيه في الفاني ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ( إنَّ لله لأوليائه شراباً إذا شربوا طربوا ، وإذا طربوا سكروا ، وإذا سكروا طابوا ، وإذا طابوا ذابوا ، وإذا ذابوا خلصوا ، وإذا خلصوا تخلّصوا ، وإذا تخلّصوا طلبوا ، وإذا طلبوا وجدوا ، وإذا وجدوا وصلوا ، وإذا وصلوا اتصلوا ، وإذا اتصلوا لا فرق بينهم وبين حبيبهم ) (٣).
در خدا گم شو کمال اين است و بس |
|
کم شدن کم کن وصال اين است و بس |
( وَخَفِيَ مَكْرُكَ )
الخفية : الاستتار ، خفي مكره : أي استتر.
المكر من الخَلق : خدعة وخبّ ، ومن الله : مجازاة ، كما قال الله تعالىٰ :
_____________________________
(١) عنه في « مجمع البحرين » ج ٥ ، ص ٩٧. |
(٢) « التوحيد » ص ٢٨٦ ، ح ٣. |
(٣) انظر « شرح الأسماء » ص ٥٣٤.