( قَانِعَاً )
القانع :
هو الذي يقنع ويرضىٰ بالقليل ، ولا يسخط ولا يكره بقلّة المعيشة. وفي الصحاح : « القانع : الراضي بما معه وبما يعطىٰ من غير سؤال » .
أقول :
فضيلة القناعة في الأخبار كثيرة ، كقوله عليهالسلام : ( القانع غني وإن جاع وعرىٰ ، ومَن قنع استراح من أهل زمانه واستطال علىٰ أقرانه ، ومَن قنع فقد اختار
الغنىٰ علىٰ الذل ، والراحة علىٰ التعب ) وقوله عليهالسلام : ( القناعة كنز لا ينفد ) .
ولعل عدم نفاده لأنّ الإنفاق منه لا ينقطع كلّما تعذر عليه شيء من اُمور الدنيا قنع القانع بما دونه
ورضي به.
وقوله عليهالسلام : ( عَزّ مَن قنع ، وذلّ مَن طمع ).
وقول أمير المؤمنين عليهالسلام : ( إنّي طلبت الغنىٰ فما وجدت إلّا بالقناعة ، عليكم
بالقناعة تستغنوا ، وطلبت القدر والمنزلة فما وجدت إلّا بالعلم ، تعلّموا يعظم قدركم في
الدارين ، وطلبت الكرامة فما وجدت إلّا بالتقوىٰ ، اتقوا الله لتكرموا ، وطلبت الراحة
فما وجدت إلّا بترك مخالطة الناس ، اتركوا الدنيا ومخالطة الناس تستريحوا ) .
أو غير ذلك من الأحاديث
التي تدلّ علىٰ فضيلة القناعة.
وسرّها واضح ؛ إذ من
المعلوم أنّ من قنع بالقليل من الزاد في مسافرته إلىٰ الله تعالىٰ أمن من الكد والتكلّف والسعي في الطلب ، ولا يوقع نفسه في متاعب
الكسب ومصاعب الاُمور ، ويتقّي بوجهه سوء الاكتساب ، حتّىٰ لا يقع في الشبهات والمحرّمات ، ولهذا يصان دينه وإيمانه ، وكان بمعزل من الصفات الخسيسة والسمات الخبيثة ، ويقبل بجميع وجوهه إلىٰ الله تعالىٰ ، ويجعل غاية عزيمته
سرعة سيره من هذا الجسر ؛ ليلتحق بالمفردين ، يسلك في سلك المقرّبين أو في حزب
أصحاب اليمين ، وتبرّأ عن الانخراط في زمرة المكذّبين الضالين.
_____________________________