العقلي ، والقدر هو وجود صور الموجودات مفصّلة في العالم النفسي السماوي علىٰ الوجه الجزئي ، مطابقة لما في موادها الخارجية.
وقد مرّ أن فيضه تعالىٰ من حيث كونه علّة مؤدية لوجود المقضي في الألواح العالية وفي هذا العالم قضاء ، ومن حيث إنّه يقدّر شكل المقضي ويعيّنه قدر.
فقول السائل : ( وأسعده علىٰ ذلك القضاء ) يعني : أعان نفسي أو عدوي في اغتراري وافتتاني في سوق الشهوات وصدور المعاصي القضاءُ ، أي وجوداتها العقلانية التي كانت علّة مؤدية لوجود ما صدر عني في هذا العالم من الحسنات والسيئات.
( فَتَجاوَزْتُ بِما جَرىٰ عَليَّ مِنْ ذلِكَ بَعْضَ حُدودِكَ )
الحدود : جمع الحدّ ، وحدوده تعالىٰ : أحكامه من الأوامر والنواهي ، كما قال تعالىٰ : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ ) (١) وسمّاها : حدوداً ؛ لأنَّ الشرائع كانت كالحدود المضروبة للمكلّفين ، لا يجوز لهم أن يتجاوزوها.
يريد : أنّه لأجل اغتراره من نفسه تجاوز بعض حدود الله تعالىٰ. وحرف الباء للسببية.
( وَخَالَفْتُ بَعْضَ أَوامِرِكَ )
الأوامر : جمع « أمر » ، علىٰ غير القياس ، وكلمة ( بعض ) كما يطلق علىٰ واحد من الجماعة ، وعلىٰ فرد واحد من كل شيء ، وعلىٰ جزء واحد ، كذلك يطلق علىٰ أكثرهم وعلىٰ أكثر الأفراد والأجزاء.
ومخالفة الأمر أعمّ من أن لا يقضيه أو يقضيه ، ولكن لا يكون كما أمره تعالىٰ ،
_____________________________
(١) « البقرة » الآية : ١٨٧.