وان لم يسلم لم يأمنوه وان لم يردوا على المسلم لم يأمنهم ، وذلك خلق في العرب. الحديث». وقد اشتمل صحيح محمد بن مسلم (١) على إسماع أبي جعفر (عليهالسلام) له وهو في الصلاة ، وحينئذ فيمكن تأويل هذين الخبرين بحمل قوله «خفيا» في صحيحة منصور بن حازم و «بينك وبين نفسك» في موثقة عمار على ما يحصل به إسماع المسلم من غير إجهار يزيد على ذلك كما يشير اليه قوله في موثقة عمار : «ولا ترفع صوتك» يعنى الجهر المنهي عنه في الآية (٢) ومثل هذا التجوز في الأخبار غير عزيز.
واحتمل بعض الأصحاب (رضوان الله عليهم) حملهما على التقية ، قال لان المشهور عند العامة عدم وجوب الرد نطقا (٣) ولعله الأقرب ، ويؤيده ما ذكره شيخنا في الذكرى في جملة المسائل التي عدها في المقام ، قال : الثانية ـ لو كان في موضع تقية رد خفيا وأشار وقد تحمل عليه الروايتان السابقتان. وأشار بالروايتين إلى روايتي منصور وعمار المذكورتين ، وهو جيد وبه يزول الإشكال في المقام.
__________________
(١) ص ٦٤.
(٢) سورة بني إسرائيل ، الآية ١١٠.
(٣) في الهداية لشيخ الإسلام المرغينانى الحنفي ج ١ ص ٤٣ «ولا يرد السلام بلسانه لانه كلام ولا بيده لانه سلام معنى حتى لو صافح بنية التسليم تفسد صلاته» وفي البحر الرائق ج ٢ ص ٨ عن الخلاصة : «السلام ورده مفسد للصلاة عمدا أو سهوا لانه من كلام الناس ويشمل ما إذا قال «السلام» فقط من غير ان يتبعه ب «عليكم». ثم قال واما رد السلام باليد أو بالرأس أو بالإصبع فعن الخلاصة والفتاوى الظهيرية لا يفسد ونقل ابن أمير الحاج عن بعض انه نسب الى ابى حنيفة فساد الصلاة بالرد باليد وصريح الطحاوي في شرح الآثار عدم الفساد عند أبي حنيفة وابى يوسف ومحمد. وقال ابن نجيم الحق ان الفساد غير ثابت في المذهب» وقال ابن حزم في المحلى ج ٤ ص ٤٦ «من سلم عليه وهو يصلى فليرد اشارة لا كلاما إما بيده أو برأسه» ولم ينقل خلافا من أحد. وفي فتح الباري ج ١١ ص ١٦ «يستحب ان يرد المصلى السلام بالإشارة وان رد بعد الفراغ من الصلاة لفظا فهو أحب».