(الثاني) ـ ما استندوا اليه من قولهم : ان الاجتماع مظنة النزاع والفتن. والجواب عنه ما افاده شيخنا الشهيد الثاني في الرسالة حيث قال (قدسسره) ونعم ما قال : وبقي من استدلاله ان الاجتماع مظنة النزاع الذي لا يندفع إلا بالإمام العادل أو من نصبه. وهذا بالإعراض عنه حقيق بل ينبغي رفعه من البين وستره فان اجتماع المسلمين على طاعة الله تعالى لو توقف على حضور الامام العادل وما في معناه لما قام للإسلام نظام ولا ارتفع له مقام ، ولا ارتاب مريب من الاجتماع في سائر الصلوات وحضور الخلق عرفات وغيرها من القربات وبها شرف مقامهم وتضاعف ثوابهم ولم يختل نظامهم ، بل وجدنا الخلل حال وجوده وحضوره أكثر والاختلاف أزيد كما لا يخفى على من وقف على سيرة أمير المؤمنين عليهالسلام في زمن خلافته وحاله مع الناس أجمعين وحال غيره من أئمة الضلال وانتظام الأمر وقلة الخلاف والشقاق في زمنهم. وبالجملة فالحكمة الباعثة على الإمام أمر آخر وراء مجرد الاجتماع في حال الصلاة وغيرها من الطاعات. انتهى.
أقول : لا يخفى عليك ما في الركون الى هذه التعليلات الواهية ـ في مقابلة ما قدمناه من الآية الشريفة والأخبار المنيفة ودفعها عن ما دلت عليه بهذه الترهات وتزييفها بهذه الخرافات ـ من المجازفة في أحكام الملك العلام ، ولو تم ما ذكروه للزم ترك سائر الاجتماعات والجماعات في سائر الفرائض اليومية وغيرها من الصلوات كالاجتماع لصلاة العيدين والاستسقاء والكسوفين والجنائز وأفعال الحج كالوقوفين ـ كما تقدم في كلام شيخنا ـ وأفعال منى.
وما اعتذر به في المعتبر ـ من أن وجوب الاجتماع مظنة ذلك دون الجواز إذ لا تتوفر الدواعي على الحضور الجائز توفرها على الحضور الواجب ـ مما لا يسمن
__________________
مسوغ. وبذلك تعرف ما في كلام المحدث الكاشاني المتقدم ص ٣٩١ و ٣٩٢ من نسبة القول بالوجوب التخييري إلى طائفة من متأخري الأصحاب ، وقد نسبه المصنف «قدسسره» الى المشهور ص ٤٠٨ و ٤٢٠ و ٤٢١ ولكنه سينفى الشهرة عنه في ما سيأتي من كلامه بعد الوجه الخامس.