ولهذا نسب الوجوب العيني إلى الشيخ في الخلاف لظاهر هذه العبارة ، قالوا : وقوله «مأذون ومرغب» لا ينافي ذلك.
أقول : فلينظر العاقل الفطن المنصف المتقيد بقيود الشريعة في هذا الإجماع المدعى في هذا المقام والمعول عليه عند هؤلاء الاعلام ما هو عليه من الضعف وتطرق الطعن اليه الظاهر لكل ناظر من الأنام ، وهل يستجيز مؤمن يخاف الله تعالى ان يخرج عن ظواهر الأخبار الساطعة الأنوار المستفيضة الصحيحة الصريحة مضافا الى الآية الشريفة (١) بهذا الإجماع (٢) الذي لما عرفت تمجه الطباع مضافا الى ما عرفت في أصل الإجماع. ثم انه كيف يشترط في العمل بالكتاب والسنة عمل الشيخ والمرتضى وأتباعهما بذلك (٣) واى فرق بين الشيخ ومن تبعه في هذه المسألة وبين الشهيد الثاني ومن تأخر عنه؟ حيث تعتبر أقوال أولئك ولا تعتبر أقوال
__________________
(١) سورة الجمعة الآية ٩.
(٢) قد ظهر بما تقدم ص ٣٦٥ في التعليقة ١ ص ٣٦٣ ان هذا الإجماع ان كان بنظر الفقيه كاشفا عن قول المعصوم فلا مناص له من رفع اليد عن ظهور الأخبار والآية في الوجوب التعييني إن تم ظهورهما فيه عنده لان قول المعصوم المستكشف بالإجماع يكون قرينة قطعية على عدم ارادة الظاهر منهما ، وان لم يكن كاشفا عنه عنده فلا مسوغ لتقديمه على ظهور الآية والأخبار إلا إذا كان قائلا بحجية الشهرة الفتوائية وكانت الشهرة متحققة في جانب نفى الوجوب التعييني بنظره فإنه يمكن القول بترجيحها على ظهور الأدلة لكونها قرينة على عدم ارادة الظاهر منها كالخبر الصحيح الصريح في نفى الوجوب التعييني.
(٣) لم يعتبر فقيه من فقهاء الإمامية عمل الشيخ والمرتضى وأتباعهما بالكتاب في العمل به ولا وجه لتوهم ذلك وانما المعتبر فيه عند الفقهاء الرجوع الى ما ورد عن الأئمة «ع» في بيانه فان ورد شيء عنهم «ع» يكون بيانا فهو المتبع وإلا كان ظاهره حجة خلافا لبعض حيث أوقف جواز العمل به في كل مورد على ورود البيان عنهم «ع» وقد تقدم الكلام منه «قدسسره» في هذا الموضوع في المقدمة الثالثة ج ١ ص ٢٧ وان أردت تجلى الحقيقة في هذا البحث فارجع الى البيان الآية الله الخوئي ج ١ ص ١٨٢.