والأخبار ولم يعط التأمل حقه في الآثار.
وبالجملة فإن ما ذهب إليه أولئك المتقدم ذكرهم من المنع من العمل بخبر الواحد ودعوى كون أخبارنا المذكورة من جملة ذلك في البطلان أظهر من ان يحتاج الى مزيد بيان ، إذ ليس مع رد هذه الأخبار المدونة في كتب الأصحاب إلا الخروج من هذا الدين أو العمل على غير مذهب ودين ، وذلك فإنه ليس بعد هذه الأخبار عندهم إلا الكتاب والإجماع ودليل العقل ، ولا ريب ان الكتاب لما هو عليه من الإجمال وقبول الاحتمال لا يفي بالمراد ، واما الإجماع فقد عرفت وستعرف ما فيه من انه ليس في عدة إلا تكثير السواد وتضييع المداد ، واما دليل العقل فاضعف ومع تسليمه فهو لا يأتي على جميع الأحكام.
ثم انه مما يزيد ما ذكرناه تأييدا ويعلى منارة تشييدا ما استفاض بل تواتر معنى بين الخاصة والعامة من قوله صلىاللهعليهوآله (١) «انى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض». وهو مروي بطرق عديدة ومتون متقاربة ، ونحوه خبر (٢) «أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق».
__________________
(١) في الوسائل الباب ٥ من صفات القاضي «قد تواتر بين العامة والخاصة عن النبي «ص» انه قال «انى تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض». ورواه الترمذي في سننه ج ١٣ ص ٢٠٠ و ٢٠١ باختلاف يسير في اللفظ ومسلم في صحيحة ج ٧ ص ١٢٢ و ١٢٣ واحمد في مسنده ج ٣ ص ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ وج ٤ ص ٣٦٦ والدارمي في سننه ج ٢ ص ٤٣٢ ، وقد ذكر الشيخ قوام الدين الوشنوي في رسالته «حديث الثقلين» المطبوعة بالقاهرة بإشراف دار التقريب ص ٦ مصادر هذا الحديث من كتب العامة وهي كثيرة وذكر فيها اختلاف المتن ايضا. وقد روى الحديث أيضا في كتب العامة بلفظ الكتاب والسنة دون العترة وقد ذكر مصادر ذلك في مفتاح كنوز السنة ص ٤٤٧.
(٢) الوسائل الباب ٥ من صفات القاضي ونقله في الغدير ج ٢ ص ٣٠١
.