والثاني : أنّ حيث تقع بعدها الأسماء والأفعال فلم تختصّ فأدخلت عليها ما لتقطعها عن الإضافة فتهيء لها العمل في الفعل بخلاف أين ومتى فإنهما يجزمان من غير ما لأنهما لا يضافان.
فصل : أصل إذما عند سيبويه إذ الزمانية ركّبت معها ما فنقلتها عن الاسميّة فهما حرف ولمّا نقلت عن ذلك جعلت شرطيّة ؛ لأنها في الأصل ظرف زمان ماض فلمّا نقلت استعملت فيما مقتضاه الزمان وقال غيره ليست مركبة.
فصل : ولا يجازى ب (إذا) في الاختيار ؛ لأنها تستعمل فيما لا بدّ من وقوعه كقولك : إذا احمرّ البسر تأتينا ، فاحمراره كائن لا محالة ووقتها معين فيما تضاف إليه وباب الشرط مختصّ بما هو محتمل للكون ، وقد جاء الجزم بها في الشعر.
مسألة : لا يجوز أن يعمل في أدوات الشرط شيء قبلها إلّا حرف الجرّ ؛ لأن أداة الشرط تثبت فيما بعدها معنى فكان لها صدر الكلام كأداة الاستفهام والنفي فأمّا قول الشاعر (١) : [الخفيف]
إنّ من لام في بني بنت حسّان |
|
ألمه وأعصه في الخطوب |
ففي إنّ ضمير الشأن ومن مبتدأ كقوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً)[طه : ٧٤].
فصل : وإذا وقع بعد أداة الشّرط اسم كان العامل فيه فعلا إمّا الذي يليه كقولك : إن زيدا تضرب أضربه أو فعل محذوف يفسره المذكور كقوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة : ٦] ف (أحد) فاعل أي إن استجار أحد ، وقال الكوفيون : يرتفع بالعائد ، وقال بعضهم : هو مبتدأ.
ولدليل الأوّل أنّه لا معنى ل (إن) إلّا في الأفعال ؛ ولذلك لا تقع بعدها جملة من اسمين فإذا لم يكن مذكورا قدّر لتصحيح المعنى ؛ ولذلك يبقى الجزم في الفعل بعد الاسم كقول الشاعر : [الرمل]
صعدة نابتة في حائر |
|
أينما الريح تميّلها تمل |
__________________
(١) البيت من شعر الأعشى.