باب المفعول فيه
وهو الظرف وهو
أسماء الزمان والمكان ، وسّميت بذلك لأن الأفعال تقع فيها وتحلّها ولا تؤثّر فيها
فهي كالإناء والحالّ فيه غيره ؛ ولذلك سمّاها بعضهم : (أوعيه) وبعضهم : (محالّ).
فصل
: والذي يطلق
عليه : (الظرف) عند النحويّين ما حسن فيه إظهار (في) وليست في لفظه ؛ لأن الحرف
الموضوع لمعنى الظرفيه (في) ؛ فإذا لم تكن ودلّ الاسم عليها صار مسمّى بها.
فصل
: ولم يبن الظرف
؛ لأنه لم يتضمّن معنى (في) بدليل صحّة ظهورها معه ، ولو كان متضمّنا معناها لم
يصحّ إظهارها معه كما لا يصحّ ظهور الهمزة مع : (أين) و (كيف) ، وإنّما حذفت : (في)
للعلم بها.
فصل
: وإنّما عمل
الفعل في جمبع أسماء الزمان ؛ لأن صيغة الفعل تدلّ عليه كما تدلّ على المصدر إلا
أنّ دلالتها على الزمان من جهة حركاته وعلى المصدر من جهة حروفه وكلاهما لفظ.
أحدهما
: أنّها تخصّ
جزءا من الجهة التي تدلّ عليها ك (الأمام) فإنّه لا يتناول بعض ما قابلك بل يقع
على تلك الجهة إلى آخر الدنيا كما أنّ (قام) يدلّ على ما مضى من الزمان من أوّله
إلى وقت إخبارك ، كذلك : (يقوم) يصلح للزمان المستقبل من أوّله إلى آخره.
والثاني
: أنّ هذه
الجهات لا لبث لها إذ هي بحسب ما تضاف إليه وتتبدل بحسب تنقّل الكائن فيها فقولك :
(خلف زيد) يصير أماما له عند تحوّله أو يمينا له أو يسارا و (خلف زيد) هو أمام
لعمرو ويمين لخالد ويسار لبشر كما أنّ الزمان لا لبث له بخلاف المكان المختصّ ،
فإنّه بمنزلة الأشخاص إذ كان بجثّة محددة كالدار والبصرة فمن هنا لا تقول : جلست
الدار ، كما تقول : جلست خلفك.
فأمّا قولهم : (هو
منّي مناظ الثريا ومزجر الكلب) إذا أرادوا البعد ومقعد القابلة ومقعد الإزار ففيه
وجهان :
أحدهما
: أنّ الأصل
فيها تستعمل ب (في) لكنّهم حذفوها تخفيفا كما قالوا : [البسيط]
أمرتك الخير ...