وأمّا قولهم : (شرّ أهر ذا ناب ، ومأرب دعاك إلينا لا حفاوة) ففي معنى النفي ، أي : ما أهرّ ذا ناب إلا شرّ (١).
وأمّا قولهم : (أقائم زيد) فجائز لاعتماد النكرة على الاستفهام ونيابتها عن الفعل.
وأما : (ما) في التعجّب فلما فيها من الإبهام والعموم.
فصل : الاسم الواقع بعد : (لو لا) التي يمتنع بها الشيء لوجود غيره مبتدأ.
وقال الكوفيّون : هو فاعل فعل محذوف ، ومنهم من يرفعه بنفس (لو لا) ، وقالوا : (لا) فيه بمعنى (لم) ، والدليل على أنّه مبتدأ من وجهين :
أحدهمّا : أنّ (لو لا) هذه تقتضي اسمين (٢) ، الثاني منهما خبر بدليل جواز ظهوره في اللفظ وإن لم يستعمل ، ولو كانت (لو لا) عاملة أو العامل مقدّرا بعدها لم يصحّ ذلك.
والثاني : أنّ (لو لا) لا تختصّ بالأسماء بل تدخل عليها وعلى الأفعال.
__________________
(١) الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة وقد يكون نكرة لكن بشرط أن تفيد وتحصل الفائدة بأحد أمور منها : أن تكون في معنى المحصور نحو شر أهر ذا ناب وشيء جاء بك التقدير ما أهر ذا ناب إلا شر وما جاء بك إلا شيء على أحد القولين والقول الثاني أن التقدير شر عظيم أهر ذا ناب وشيء عظيم جاء بك فيكون داخلا في قسم ما جاز الابتداء به لكونه موصوفا لأن الوصف أعم من أن يكون ظاهرا أو مقدرا وهو ها هنا مقدر.
(٢) هذه الحالة هي : أن يكون الخبر كونا مطلقا (وإيضاح الكون المطلق أن يقال : إن كان امتناع الجواب لمجرّد وجود المبتدأ كون مطلق ويقابله الكون المقيد ، كما إذا قيل : «هل زيد محسن إليك» فتقول «لو لا زيد لهلكت» تريد : لو لا إحسان زيد إليّ لهلكت ، فإحسان زيد مانع لهلاكي ، فالخبر كون مقيد بالإحسان والأصل في معنى «لو لا» أنها حرف امتناع لوجود ، وهو الوجود المطلق). و «المبتدأ بعد لو لا» نحو «لو لا العلماء لهلك العوام» فالهلاك ممتنع لوجود العلماء ، فالعلماء مبتدأ وخبره محذوف وجوبا ، التّقدير : لو لا العلماء موجودون لهلك العوام ، وإن كان الخبر كونا مقيّدا وجب ذكره إن فقد دليله كقوله : «لو لا زيد سالمنا ما سلم» (ف «زيد» مبتدأ وجملة «سالمنا» خبره ، وإنما ذكر الخبر هنا ، لأن وجود زيد مقيد بالمسالمة ولا دليل ـ إن حذف الخبر ـ على خصوصيتهما) وفي الحديث : (لو لا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم) (لفظ الحديث كما روي في صحيح مسلم (لو لا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر) ورواية الترمذي (لو لا أن قومك حديثو الحديث) وفي رواية مسلم : (لو لا حدثان قومك بالكفر لفعلت).
وجاز الوجهان إن وجد الدّليل نحو : «لو لا أنصار زيد حموه ما سلم» ويجوز «لو لا أنصار زيد ما سلم» فجملة «حموه» خبر المبتدأ ويجوز حذف الخبر في المثال الثاني وهو : «لو لا أنصار زيد ما سلم».