«فى». وقد سمّى حروف الزيادة حشوا ولغوا وصلة (١) كما أطلق على الظرف اسم المحل (٢). وكان يسمى الاسم المنصرف والآخر الممنوع من الصرف على التوالى ما يجرى وما لا يجرى أو المجرى وغير المجرى ، وعبّر مرارا بالإجراء عن الصرف (٣).
وكان يسمى التمييز مفسّرا ، يقول تعليقا على قوله سبحانه : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) نصب الذهب لأنه مفسر ، لا يأتى مثله إلا نكرة ، فخرج نصبه كنصب قولك : عندى عشرون درهما ، ولك خيرهما كبشا ، ومثله قوله : (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً). وإنما ينصب على خروجه من المقدار الذى تراه قد ذكر قبله ، مثل ملء الأرض أو عدل ذلك ، فالعدل مقدار معروف ، وملء الأرض مقدار معروف ، فانصب ما أتاك على هذا المثال ما أضيف إلى شىء له قدر ، كقولك عندى قدر قفيز (٤) دقيقا ، وقدر حملة تبنا ، وقدر رطلين عسلا. فهذه مقادير معروفة يخرج الذى بعدها مفسّرا ، لأنك ترى التفسير خارجا من الوصف يدل على جنس المقدار من أى شىء هو ، كما أنك إذا قلت : عندى عشرون ، فقد أخبرت عن عدد مجهول قد تمّ خبره ، وجهل جنسه ، وبقى تفسيره ، فصار هذا مفسّرا عنه ، فلذلك نصب» (٥). وسمّى المفعول لأجله فى بعض المواضع تفسيرا يقول تعليقا على الآية الكريمة : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) نصب (حذر) على غير وقوع من الفعل عليه ، لم يرد يجعلونها حذرا ، إنما هو كقولك : أعطيتك خوفا وفرقا ، فأنت لا تعطيه الخوف ، وإنما تعطيه من أجل الخوف ، فنصبه على التفسير ليس بالفعل (أى ليس مفعولا به) كقوله عزوجل (يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) وكقوله : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً»)(٦).
وأكثر من تسمية البدل تكريرا وتبيينا وتفسيرا وترجمة (٧) ، وكأنه بكل ذلك
__________________
(١) معانى القرآن ١ / ٥٨ ، ١٧٦ ، ٢٤٥.
(٢) معانى القرآن ١ / ٢٨ ، ١١٩.
(٣) معانى القرآن ١ / ٤٢ ، ٤٢٨ وانظر ٢ / ١٩ ، ٢ / ١٧٥.
(٤) مكيال للحبوب.
(٥) معانى القرآن ١ / ٢٢٥.
(٦) معانى القرآن ١ / ١٧.
(٧) معانى القرآن ١ / ٧ ، ٥١ ، ٥٦ ، ١٩٢ ، ٣٢٠ ، ٣٤٨ وانظر ٢ / ٥٨ ، ٦٩ ، ١٣٨ ، ١٧٨ ، ٢٧٣ ، ٣٦٠.