(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(١) فقالوا : لو كانت اللام تقصر الفعل على الحال لم يجز أن تقول : " ليحكم بينهم" كما أن السين وسوف لما قصرتا الأفعال المضارعة على الاستقبال ، لم يجز أن يقول القائل : " إن زيدا سوف يقوم الآن" لأنه يجمع بين معنيين متضادين.
فإن قال قائل : فأنت تقول : إنا إذا قلنا" زيد قائم" فأولى الأشياء بهذا الكلام أن يكون للحال ، ومع ذلك فقد يجوز أن تقول : " زيد قائم غدا" وكذلك : " إن زيدا ليقوم" ، هو للحال ، ومع ذلك يجوز ؛ أن تقول : " إن زيدا ليقوم غدا".
فإن الجواب عن ذلك أن قول القائل : " زيد قائم" لم يدخل عليه لفظ لوقت دون وقت ، وهو مبهم الصيغة يجوز أن يكون للماضي والحال والمستقبل ، غير أنا نجعله للحال ، إذا عرّي من غيره ، لما ذكرنا من فائدة المخاطب به. واللام فيما زعم هذا الزاعم تدخل على الفعل المضارع الذي يصلح لوقتين ، فتقصره على أحدهما ، كما تدخل السين وسوف عليه فتقصره على الآخر ، فقلنا : لو كانت اللام هي التي قصرت الفعل على أحد الوقتين ، فإذا قصرته على أحد الوقتين لفظا لم يجز أن تجعله للآخر ، فتقول : " إن زيدا ليقوم غدا" مع دخول اللام ، كما لا يجوز أن تقول : " إن زيدا سوف يقوم الآن" : لأن" سوف" قد أخرجت الفعل إلى المستقبل وقصرته عليه ، وهذا القول الثاني أقرب عندي.
فإن قال قائل : فما معنى قول سيبويه : " حتى كأنك قلت إن زيدا لفاعل فيما تريد من المعنى" فالجواب في ذلك أنا إذا قلنا إن زيدا ليفعل ، صلح أن تريد به الحال وصلح أن تريد به المستقبل ، فإذا أردنا به الحال فكأنما قلنا إن زيدا لفاعل الآن ، وإذا أردنا به المستقبل ، فكأنا قلنا إن زيدا لفاعل بعد ، فجاز أن يقع (فاعل) مكان (يفعل) وإن كنت في أحدهما تحتاج إلى زيادة لفظ للبيان فاعرف ذلك إن شاء الله.
قال سيبويه : " وأما الفتح والضم والكسر والوقف ، فللأسماء غير المتمكنة المضارعة عندهم ما ليس باسم مما جاء لمعنى ليس غير".
إن سأل سائل فقال : أخبرونا عن النصب والرفع والجر والجزم ، هل يقال لها فتح وضم وكسر ووقف؟
فالجواب في ذلك أن يقال : نعم.
__________________
(١) سورة النمل ، آية ١٢٤.