ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله |
|
والزّاد حتّى نعله ألقاها (١) |
قال : (والرفع جائز).
يعني : في قولك : " حتى عبد الله لقيته" ، كما جاز مع الواو ، إذا قلت : " لقيت زيدا وعبد الله لقيته" ، على الابتداء والخبر ، فيكون" عبد الله" مبتدأ ، و" لقيته" خبره.
كأنك قلت : (" لقيت القوم حتى زيد ملقي" ، و" سرّحت القوم حتى زيد مسرّح" وهذا لا يكون فيه إلا الرفع).
يعني : إذا قلت : ملقيّ ومسرّح ؛ لأن" ملقيّ" و" مسرّح" ليس بفعل واقع على ضمير" زيد" ، ولا باسم فاعل واقع على ضميره ، كما تقول : " حتى زيدا أنا لاقيه" ، لأن" ملقيّ"" ومسرح" مأخوذ من لقي وسرّح ، ففيه ضمير أقيم مقام الفاعل مرفوع ، فلا يجوز أن تنصب الاسم. وليس بعده ضمير له يوجب نصبه.
قال : (فإذا كان في الابتداء" زيد لقيته" ، بمنزلة" زيد منطلق" ، جاز هاهنا الرفع).
يعني : جاز أن تقول : " حتى زيد لقيته" ، فيكون بمنزلة قولك : " حتى زيد ملقيّ" ؛ لأن" حتى" قد يقع بعدها الاسم والخبر.
والبيت الذي أنشدناه يروى بالرفع والجر والنصب.
فالجر بمعنى" إلى" على ما ذكرناه.
والرفع بالابتداء والخبر ، والنصب على وجهين :
أحدهما : أن تجعل حتى بمعنى الواو ، فتعطفها على الصحيفة كأنه قال : " ألقى الصحيفة ونعله" ثم قال" ألقاها" تأكيدا.
والوجه الثاني : أن تضمر بعد" حتى" فعلا ، وتجعل" ألقاها" تفسيرا له ، كأنك قلت : حتى ألقى نعله ألقاها.
هذا باب ما يختار فيه النصب ، وليس قبله منصوب
بني على الفعل وهو باب الاستفهام
قال أبو سعيد : الذي يشتمل عليه هذا الباب : أن الاسم إذا ولي حرف الاستفهام ، وجاء بعده فعل واقع على ضميره ، فالاختيار نصب الاسم بإضمار فعل يكون الفعل
__________________
(١) البيت لابن مروان النحوي في الخزانة ١ / ٤٤٥ ، ٤ / ١٤٠ ، ومعجم الأدباء ١٩ / ١٤٦.