وما لا ينصرف ، ومتى أضيف الاسم أخرجته الإضافة إلى حكم المنصرف ، فزال المعنى الذي له دخل للفرق.
وقوله : " وليس ذلك في الأفعال" ، يعني : وليس المعنى الذي تجر به الاسم في هذه الأفعال ، يعني في الأفعال المضارعة ، وقد ذكرنا المعنى الذي ينفرد به الاسم في الجر بما أغنى عن إعادته.
قال سيبويه : " وإنما ضارعت أسماء الفاعلين".
يعني ضارعت الأفعال المضارعة أسماء الفاعلين ، وأضمرها لتقدم ذكرها أنك تقول : " إن عبد الله ليفعل" ، فيوافق قوله : " لفاعل" ، حتى كأنك قلت : إن عبد الله لفاعل ، فيما تريد من المعنى.
إن سأل سائل ، فقال : إذا قلنا : " زيد فاعل" و" إن زيدا لفاعل" ، أو" فاعل" ، هل دل هذا على وجود المعنى الذي ذكره في وقته ، أو هو مبهم لا يوقف عليهم؟
فإن الجواب في ذلك أن الإخبار عن الأشياء كلها أولى الأوقات بها الوقت الذي وقع فيه الخطاب في المعنى ؛ لأن اللفظ صيغ له ، وذلك أن المتكلم إذا قال : زيد قائم ، فإنما يريد إفادة المخاطب ، وتعريفه من أمر زيد ما خفي عليه ، وإن لم يكن في حاله قائما ، فهذا الوصف غير لازم له ، والمعتاد في الخطاب أن يكون للحال ، فعلم من جهة المعنى أن الوصف متى ما عرّي من النسبة إلى وقت بعينه ، كان مقصورا على وقت التكلم به والإخبار ؛ لما بينا أن حكم الخطاب إفادة المخاطب به ما يحتاج إلى معرفته.
فإن قال قائل : فإذا قلت : " إنّ زيدا ليقوم" فهل الفعل لأحد وقتين مبهمين ، أم هو للحال؟
فالجواب في ذلك : إن أصحابنا على قولين ، قال بعضهم : اللام تقصر الفعل المضارع في خبر إن على الحال ، واستدل على ذلك بقول سيبويه : حتى كأنك قلت" إن زيدا لفاعل" فيما يريد من المعنى ، فقال : قد علمنا أنا إذا قلنا : " إن زيدا لفاعل" فإنما يريد به الحال ؛ وقد قال لنا : إن قولنا : " إن عبد الله ليفعل" ، كقولك : " إن عبد الله لفاعل" ، فصح بهذا الكلام أن اللام تقصر الفعل المضارع على الحال.
وقالت طائفة أخرى من أصحابنا : إن اللام تقصر الفعل المضارع على الحال ، وأجازوا أن تقولوا : " إن عبد الله لسوف يقوم" واستدلوا على صحة ذلك بقوله عزوجل :