وقال آخرون : " يؤثفين" وزنه يفعلين بمنزلة" يسلقين". ومن ذلك" سلقى"" يسلقي" ، فالهمزة فاء الفعل. ومن قال هذا ، قال : " أثفيّة" وزنها فعليّة ، واستدل على ذلك بقول العرب : تأثّفني القوم إذا صاروا حولك كالأثافي.
قال النابغة :
لا تقذفنّي بركن لا كفاء له |
|
وإن تأثّفك الأعداء بالرّفد (١) |
تأثفك ، تفعّلك ، والهمزة أصلية ، وهي فاء الفعل.
هذا باب الفاعل
الذي لم يتعدّه إلى مفعول والمفعول الذي لم يتعدّ إليه فعل فاعل ولا تعدّى فعله إلى مفعول آخر ، وما يعمل من أسماء الفاعلين والمفعولين عمل الفعل الذي يتعدّى إلى مفعول ، وما يعمل من المصادر ذلك العمل ، وما يجري من الصفات التي لم تبلغ أن تكون في القوّة كأسماء الفاعلين والمفعولين التي تجري مجرى الفعل المتعدّي إلى مفعول مجراها ، وما أجري مجرى الفعل وليس بفعل ولم يقو قوّته ، وما جرى من الأسماء التي ليست بأسماء الفاعلين التي ذكرت لك ولا الصّفات التي هي من لفظ أحداث الأسماء وتكون لأحداثها أمثلة لما مضى ولما لم يمض ، وهي التي لم تبلغ أن تكون في القوّة كأسماء الفاعلين والمفعولين ، التي تريد بها ما تريد بالفعل المتعدّي إلى مفعول مجراها ، وليست لها قوّة أسماء الفاعلين التي ذكرت ولا هذه الصفات ، كما أنّه لا يقوى قوّة الفعل ما جرى مجراه وليس بفعل.
قال أبو سعيد : اعلم أن هذا الباب يشتمل على تراجم أبواب تجيء مفصّلة بعده بابا بابا بما يتضمّنه من أصوله ومسائله ، ولكنّا نفسّر معنى باب باب جملة ، إلى أن نجيء إلى تفصيله ، فنضع كل شيء في موضعه الذي ذكره فيه.
قوله : " هذا باب الفاعل الذي لم يتعدّه فعله إلى مفعول" بريد به : " قام زيد" و" ذهب عمرو" وسائر ما كان من الأفعال التي لا تتعدى. والمفعول الذي يعنيه هاهنا هو المفعول به ، الذي يصل الفعل إليه بغير حرف جرّ ؛ كقولك : " ضرب زيد عمرا" ، ولا يدخل في معنى ذلك : المفعول فيه ، ولا المفعول معه ، ولا المفعول له ، ولا المفعول
__________________
(١) البيت في ديوانه ص ٢١.