وقال بعض أهل العلم : إن" ذي" بمنزلة" الذي" كأنك قلت : " اذهب بالذي تسلم" والهاء محذوفة وهو مصدر تقديره بالسلامة التي تسلمها ، وذكر لأنه أراد السلامة وإن لم يستعمل.
وجملة قول" سيبويه" أن الأفعال لم يضف إليها ؛ لأن المضاف داخل في المضاف إليه : فقد أضفناه كما يضاف البعض إلى الكل كقولنا : ثوب خزّ ، وخاتم حديد ، وفي إضافته إليه فائدة ؛ إذ كان يتحصل منها غير الزمان ، ولا يضاف إليه المصدر ؛ لأن الفعل معه الفاعل ، فهو يدل على أن المصدر له فلم يضف إليه ، فاعرف ذلك إن شاء الله.
وأيضا فإن الأول يضم الثاني إليه ، وزيادته عليه تدل على ما يدل عليه منفردا ، غير أنه في الإضافة له اختصاص بشيء قد كان متوهما فيه وفي غيره كالألف واللام ، ويكون اختصاصه على حسب ما للثاني من التعريف والتخصيص ، فلما لم يختص المضاف بإضافته إلى الفعل ـ كما ذكرنا ـ بطلت الإضافة.
فإن سأل سائل فقال : أخبرونا عن قوله : " وليس في الأفعال المضارعة جر ، كما أنه ليس في الأسماء جزم" لم منع دخول الجر على الأفعال ، حيث امتنع دخول الجزم على الأسماء؟ وكيف صار امتناع دخول الجزم على الأسماء أصلا لمنع دخول الجر على الأفعال ، وما وجه رد أحدهما على الآخر؟
فإن الجواب في ذلك أنه لم يجعل امتناع الجزم في الأسماء علة منع بها دخول الجر على الأفعال ، وإنما أراد أن كل واحد منهما ممتنع في بابه للعلة التي تمنعه ، والمعنى الذي يحيله ، فتعرّف ذلك إن شاء الله.
فإن قال قائل : فما معنى قوله : " لأن المجرور داخل في المضاف إليه"؟ إلام عادت الهاء في إليه؟ وكيف تلخيص هذا الكلام وترتيبه؟
فإن الجواب في ذلك : أن قوله : " لأن المجرور" ، يريد : المضاف إليه ، وهو الثاني ، داخل في المضاف إليه ، يعني : داخلا في الصف الأول الذي قد أضيف إلى المجرور. والهاء تعود إلى المجرور ؛ فكأنه قال : لأن الثاني المجرور داخل في الأول المضاف إلى الثاني ، فاعرفه إن شاء الله.
فإن سأل سائل ، فقال : لم عاقبت الإضافة التنوين؟
فالجواب في ذلك أن التنوين إنما دخل عندنا ؛ للفرق بين ما ينصرف