المصرع الثامن عشر
مصرع حسن العسكري عليهالسلام
أيّها الطائفون بكعبة الولاية ، والعاكفون في الحرم الهداية ، والساعون في صفا المروّة ، والمهرولون بين صفا الوداد والمروة ، اقتلوا نفوس الابتهاج واصطادوا حمام حرم العزلة للأولاد والأزواج ، وانحروا بمنى الوداد قربان النفوس ، واحلقوا بموسي اللطام مفارق الرؤوس ، وانزعوا ثياب إحرام الدعابة عن الأبدان ، والبسوا مخيط الكآبة والأحزان ، ومسّوا من طيب الإخلاص اذكاه ، واستنشقوا من عطري الخلاص ريّاه ، فقد تُلّ إسماعيل آل محمّد للجبين ، وبات إبراهيم آل أحمد لهذا المصاب خدين ، وغدت فاطمة على ذبيحها بادية التعداد دائمة المراثي والإنشاد ، فما الخنساء في عصرها ، ولا حزنها على صخرها (١) بأعظم من كريمة المصطفى وحليلة المرتضى ، فالخنساء أصيبت بأخيها فصارت أيّامها كلياليها ، وأما فاطمة الزهراء فقد فجعت بجميع أولادها النجباء ، فأيّ المصابين أعظم ؟ وأيّ البحرين أعمق وأفعم ؟ من أصيب بأخ واحد ، أو من فجع باثني عشر إماماً أماجد ؟ فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ولله درّ من قال من الرجال :
وثواكل في النوح تسعد مثلَها |
|
أرأيت ذا ثَكَلٍ يكون سعيدا |
حنّت فلم تر مثلهنّ نوائحاً |
|
إذا ليس مثلُ فقيدهنّ فقيدا |
لا العيس تحكيها إذا حنّت ولا |
|
الورقاء تحسن عندها التعديدا |
إن تنع أعطت كلّ قلب جمرة |
|
أو تَدعُ صدّعت الجبال الميدا |
عبراتها تحيى الثرى لو لم تكن |
|
زفراتها تدع الرياض همودا |
__________________
(١) تقدّم ترجمتهما في ص ٢١٩.