وأمّا ما جعله الناقد شاهدا لعدم صحّة سنده من أنّ الصدوق يروي عن سعد بواسطة أبيه أو شيخه ابن الوليد ، مع أنّ هذا الخبر قد تضمّن أربع وسائط منكرين (١).
فأقول : أمّا تضمّن الخبر أربع وسائط فليس كذلك ، بل هو متضمّن لخمس وسائط ، وأمّا كونهم منكرين فقد عرفت ما فيه.
وامّا كون تضمن الخبر أربع أو خمس وسائط شاهدا لعدم صحّة سنده مع أنّ الصدوق قد روى عنه بواسطة واحدة ، ففيه : أنّ الاستشهاد بذلك غريب ، فإنّه كما يمكن أن يروي عن سعد بواسطة شيخ واحد يمكن أن يروي عنه بواسطة رجال متعدّدين متعاصرين ، فكما يجوز أن يروي المعاصر عن المعاصر بغير واسطة يجوز أن يروي عنه بواسطة رجال متعاصرين ، وما أظنّ به أبدا أنّه يريد أن يتّهم الصدوق ـ قدسسره ـ بجعل السند ووضع الحديث ـ العياذ بالله ـ أو يزيد أن يتّهمه بأنّه لم يفهم ما يلزم من كثرة الوسائط بينه وبين سعد بن عبد الله وقلّتها ، وأنّ ذلك قد ينجرّ إلى تعارض إسناد بعض الروايات مع بعض ، فروى عن سعد بواسطة خمسة أو أربعة رجال غير متعاصرين مختلفين في الطبقة وهو الذي يروي عنه بواسطة شيخ واحد ، أفترى أنّه لم يدرك ذلك ، أو أنّه لم ير في هذا السند وسائر أسناده إلى سعد تعارضا وتهافتا؟ بل هذا يدلّ على أنّه كان عارفا بأحوال هذه الرجال الوسائط في هذا السند بينه وبين سعد بن عبد الله.
ثمّ إنّه قال بعد ذلك : ومن الغريب أنّ صاحب الكتاب المعروف ب «الدلائل» رواه بثلاث وسائط مع أنّه يروي كالشيخ عن الصدوق
__________________
(١) الأخبار الدخيلة : ج ١ ص ١٠٤.