المشايخ وتلامذة الشيوخ ، موصوفا بالصدق والوثاقة ، وكيف يجوز الحكم بكون رجل كمحمد بن بحر ، وهو كان من المتكلّمين ، عالما بالأخبار ، فقيها ، مصنّفا نحوا من خمسمائة مصنّف (١) ، من الغلاة بمجرّد أنّ معاصره الكشّي وإن بلغ في جلالة القدر ما بلغ ، عدّه من الغلاة ، من دون أن نعرف رأيه في الغلوّ بالتفصيل ، ومستنده في إسناد ذلك إليه ، فلعلّ الكشّي كان يرى القول في مسألة بالسلب والإيجاب من الغلوّ وهو لا يرى ذلك وكان هو محقّا ، فلا ينبغي الاعتماد على اجتهاد الغير في الحكم بالغلوّ وردّ روايات من رمي به سيّما إذا كان ذلك بالإجمال والإبهام.
ويحتمل أن يكون رمي محمد بن بحر هذا بالغلوّ لتفضيله الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام على الملائكة ، أو إخراجه في الأئمّة عليهمالسلام ما يستغربه من لم يعرفهم حقّ معرفتهم ، من جملتها ما روي عن حبيب بن مظاهر ، وهذا لفظه : فقد روي لنا عن حبيب بن مظاهر الأسدي ـ بيض الله وجهه ـ أنّه قال للحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام : أي شيء كنتم قبل أن يخلق الله عزوجل آدم عليهالسلام؟ قال : كنّا أشباح نور ، ندور حول عرش الرحمن فنعلّم الملائكة التسبيح والتهليل والتحميد. ثمّ قال : ولهذا تأويل دقيق ليس هذا مكان شرحه ، وقد بيّناه في غيره (٢).
__________________
(١) راجع فهرست الشيخ : ص ١٥٨ قال : كان متكلّما ، عالما بالأخبار فقيها ، إلّا أنّه متّهم بالغلو ، وله نحو من خمسمائة مصنّف ورسالة.
(٢) علل الشرائع : ص ٢٣ ب ١٨ ، ما ذكره محمد بن بحر الشيباني المعروف بالدهني ـ رحمهالله ـ في كتابه من قول مفضّلي الأنبياء والأئمّة الحجج صلوات الله عليهم أجمعين على الملائكة.