الثقافة عندهم من كان جريئا على نقد الأحاديث وردّها ، أو تأويل الظواهر ، حتّى ظواهر الكتاب بما يقبله المتأثّرون بآراء المادّيين وغير المؤمنين بعالم الغيب ، وتأثيره في عالم المادة والشهادة.
وهذا الباب ، أي باب التشكيك في الأحاديث سندا أو متنا سيّما متونها البعيدة عن الأذهان المتعارفة ، باب افتتن به كثير من الشباب ، ومن الكتّاب الذين يرون أنّ من الثقافة التشكيك في الأحاديث ، أو تأويل الظواهر الدالّة على الخوارق ، إلّا أنّه لا ريب أنّ التسرّع في الحكم القطعي بالوضع والجعل على الأحاديث سيّما بشواهد عليلة لا يتوقّع صدوره عن العلماء الحاذقين ، والعارفين بموازين الردّ والحكم بالوضع والتحريف والجرح وغيرها ، ولو كان أحد مبالغا في ذلك ، ويرى أنّه لا بدّ منه ، فالاحتياط يقتضي أن يذكره بعنوان الاحتمال.
فلذلك رأيت أنّ الواجب إبداء ما في تشكيكات هذا المؤلّف ـ دام ظلّه ـ حول هذه الأحاديث حتّى لا توجب سوء ظنّ بعض المغترّين بالتشكيكات بالمحدّثين الأقدمين ، قدّس الله أنفسهم الزكية.
وخلاصة كلامنا معه ـ دام بقاه ـ : أنّ هذه الأحاديث التي ذكرت في كتابه لو كان فيها بعض العلل ـ على اصطلاحات بعض الرجاليّين ـ فإنّه يجبر بما يجبر مثله أيضا ، على ما بنوا عليه من الاعتماد على الأحاديث.
مضافا إلى أنّ كثيرا ممّا ذكره من العلل واضح الفساد ، لا يعتني به العارف بأحوال الأحاديث ، وما عرض لبعض الروايات بواسطة النقل بالمضمون ، أو وقوع الاضطراب في المتن لبعض الجهات ، لا يوجب ترك العمل والاعتناء به رأسا ، وعدم الاستناد إلى ما يكون فيه مصونا من