المعجزات والبعث بعد الموت : إنّها آيات متشابهة غير مفهومة المعاني!
أمّا الكلام على هذا المانع فقد وفّيت حقّه في أوائل هذا الباب ، كما لم آل فيما سبقه من الكتاب جهدا لحلّ شبهة العصريّين من الكتّاب والعلماء الّذين لا يؤمنون بالغيب (١).
وإذ وقفت على ما ذكره هذا الشيخ من أهل السنّة فاسمع إلى ما ذكره معاصره من الشيعة أيضا في ذلك ، وهو الشيخ المجاهد المدافع عن حريم الإسلام والتوحيد والقرآن الشيخ البلاغي في مقدّمة تفسيره القيّم «آلاء الرحمن في تفسير القرآن» قال : ومن شواهد ما ذكرناه هو الاضطراب في معنى التوفّي ، وما استعمل في لفظه المتكرّر في القرآن الكريم ، فاللغويّون جعلوا الإماتة في معنى التوفّي ، والكثير من المفسّرين في تفسير قوله تعالى في سورة آل عمران / ٤٨ : (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) قالوا : أي مميتك ، وقال بعض : مميتك حتف أنفك ، وقال بعض : مميتك في وقتك بعد النزول من السماء ، وكأنّهم لم ينعموا الالتفات إلى مادّة «التوفّي» واشتقاقه ، ومحاورات القرآن الكريم ، والقدر الجامع بينها ، وإلى استقامة التفسير لهذه الآية الكريمة ، واعتقاد المسلمين بأنّ عيسى لم يمت ولم يقتل قبل الرفع إلى السماء كما صرّح به القرآن ، وإلى أنّ القرآن يذكر فيما مضى قبل نزوله أنّ المسيح قال لله : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي) ، ومن كلّ ذلك لم يفطنوا إلى أنّ معنى التوفّي والقدر الجامع المستقيم في محاورة القرآن فيه وفي مشتقّاته ، إنّما هو الأخذ والاستيفاء ، وهو يتحقّق بالإماتة ، وبالنوم ، وبالأخذ من الأرض وعالم البشر إلى عالم السماء.
__________________
(١) موقف العقل والعلم والعالم من ربّ العالمين وعباده المرسلين : ج ٤ ص ١٧٤ ـ ١٨٢.