الّتي لا تتمشّى مع مذهبه الّذي هو رفع روحه فقط.
فظهر ممّا سبق جميعا أن رفع عيسى عليهالسلام بالمعنى الّذي يعتقده المسلمون مذكور في القرآن خمس مرّات : صراحة في آيتي الرفع ، واقتضاء في آيتي النزول ، وتلميحا في آية تطهيره من الّذين كفروا.
ولك أن تضمّ إليها قوله تعالى عنه عليهالسلام : (وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (١) ، ففيه إشارة إلى رفعه إلى محلّ الملائكة المقرّبين ، بل في قوله أيضا : (وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) (٢) لأنّ الوجيه بمعنى ذي الجاه ، ولا أدلّ على كونه ذا جاه في الدنيا من رفعه إلى السماء ، وقوله عن أعدائه : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٣) ، فيبلغ أدلّة القرآن على ثمانية.
ومن العجائب أنّ فضيلة الشيخ شلتوت عاكس الواقع مرّة اخرى ، فحاول أن يستخرج من آية المكر دليلا ضدّ الرفع منكرا لأن يكون في رفعه إلى السماء حيّا مكر من الله بأعدائه الماكرين ، وعنده أنّ مكر الله بهم المتغلّب على مكرهم بنبيّه حاصل في إماتته ورفع روحه إليه ، لا في رفعه حيّا ، فكأنّ الله نفّذ ما أراد أعداؤه أن يفعلوه به ، فقتله قبل أن يقتلوه ، أو نفّذ قتلهم بإماتته ، فكان الله إذا مساعدهم لا ماكرا بهم.
وانظر بعد هذا التوجيه بالنسبة إلى مكره بهم في رفع نبيّه إليه حيّا ، وجعل مسعاتهم لقتله في خياب وهباب ... هذا مع أنّ تمام مكر الله بهم
__________________
(١) آل عمران : ٤٥.
(٢) آل عمران : ٤٥.
(٣) آل عمران : ٤٥.