والقسوة عليهم من بعض معالمها ، ومقاطعة بني هاشم وحصرهم في الشعب جزء لا يتجزأ من المخطط العام لمجابهة الإسلام ، والتكتل مع قريش للهجوم على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة هجرته يسلط الأضواء على حقيقة ما يكَّن هذا البيت للإسلام من حقد وكراهية ، حتى إذا هاجر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة المنورة ، كانت الحرب الكلامية واضطهاد المسلمين سبيلاً إلى مناوأة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أفكاره وأنصاره ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، فالبيت الأموي صاحب العير وصاحب النفير في معركة بدر الكبرى ، فالعير بقيادة أبي سفيان ، والنفير بقيادة عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وأبو سفيان قائد المشركين في أحد والخندق وسواهما ، تمرس في حرب الإسلام ، ونشأ على عداء النبي وآله في مكر ودهاء وقوة ؛ وأسلم عند الفتح كارهاً ، حينما لم يجد إلا القتل أو الإسلام ، وابنه معاوية معه في هذا كله ، تلقى عن جده وأبيه وأمه صنوف العداء للإسلام ، فأمه هند لم تكن دون أبيه في كيد الإسلام ، والإرصاد للمسلمين حتى ختمت أعمالها الوحشية بالتمثيل لحمزة بن عبد المطلب أشد التمثيل لدى استشهاده في أحد ، مما لا عهد به للعرب في جاهلية أو إسلام. وأسلم معاوية كرهاً يوم الفتح كما أسلم أبواه كرهاً ، وتوجّ بطوق الطلقاء كما توج أهل مكة يوم الفتح.
ومضت الأيام سراعاً ، ولا قدم ولا قِدَم لمعاوية بالإسلام ، وإذا بعمر يوليه الشام ولا يعزله عنها ، ويمهد له تمهيداً عجيباً ، وجاء عثمان فعزل كل ولاة عمر إلا معاوية ، وكان معاوية رأس ولاته وزعيم مناصريه ، أوكل إليه تأديب المنفيين إلى الشام من المعارضين ، وفسح له في الأمر فجمع إليه جميع أطراف الشام ، ومكنّه في الأرض تمكين الجبارين ، فكان الحاكم المطلق دون العودة إلى عثمان ، وكان الآمر